شرح التلقين (صفحة 1254)

على نقص صفح عنه لأجل تعجيل الدين قبل أجله.

والجواب عن السؤال الرابع أن يقال: اختلف في المذهب في جواز التصديق في قيل الطعام إذا بيع بطعام آخر أو بودل به. فقال مالك: لا يجوز. وبه قال ابن كنانة. واختاره سحنون. وقال ابن القاسم وابن الماجشون: بل يجوز. واختاره أصبغ.

وسبب الخلاف في هذا أنك قد علمت ما قدمناه في كتاب السلم الأول. أن من شرط بيع الطعام بالطعام المناجزة - قبل الافتراق. وهذان إذا تراضيا على أخذ الطعام بما يقوله البائع، فإن المشتري إذا اختبره بعوإلافتراق فاطلع على نقص خاصم فيه وطلب البائع به، فيكمله له، إن ثبت النقص، طعامًا، أو يرتجعه ثمنًا. فقد حصل الافتراق ولم ينقطع التعلق بين البائع والمشتري، فلم يحصل التناجز عند مالك. وحصل عند ابن القاسم، لأجل أنه لو لم يفارقه حتى اكتال الطعام لصح البيع باتفاق ولم يكن قدح. فكذلك إذا صدق المشتري البائع في الكيل، فإن ذلك يحل محل مشاهدة الكيل. ولهذا لم يصدق في دعواه النقص بعد الافتراق.

وعلى هذا الأسلوب من التعليل جرى اختلاف المذهب في التصديق في الصرف في مبايعة الدنانير بالدراهم.

ومن هذا المعنى ما وقع من الاختلاف في الطعام إذا قبضه المشتري على تصديق البائع في كيله ثم أراد أن يبيعه في الحال قبل أن يغيب عليه، فإن مالكا رضي الله عنه منع من ذلك حتى يغيب عليه، وأجازه ابن القاسم. جَرْيًا من مالك على التعليل الذي ذكرناه من كون التصديق لا يقطع التعلقال في بين البائع والمشتري في هذا المبيع، لكونه يذهب به فيختبره فإذا وجد نقصًا طلب به فلم يحصل القبض على التمام. ورأى ابن القاسم أن التصديق يحل محل مشاهدة الكيل، ولو شاهد الكيل وقبضه بعد أن اكتيل عليه لم يُمنع من البيع وإن لم يغب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015