شرح التلقين (صفحة 1248)

منه إنما يعوّل على الحزر والتخمين كما عول هو عليه. حتى إذا علم أن البائع يعلم بالكيل حقيقة لم يجبر على العقد ولم يتق بحزره وتخمينه ويسبق إلى نفسه أن البائع لما علم أنه أخطأ في حزره على نفسه أنعم له بالبيع. وأما إذا لم يشترط العلم بذلك وكتمانَه، ولكنه اطلع على علم البائع بذلك بعد العقد، فإنه عندنا عيب في المبيع يكون للمشتري الخيار. إن شاء التزم البيع وإن شاء رده، لما نبهنا عليه من كون المشتري لم يدخل إلا على أن البائع معول على الحزر مثل ما عول هو عليه. وانفرد الأبهري ولم يَرَ هذا كالعيوب التي يكون للمشتري الخيار في الرد بها إذا اطلع عليها بل جعل ذلك مفسدًا للعقد كما يفسده اشتراط العلم وكتمانه. وأشار إلى أنه خطر وغرَرٌ بخلاف العيوب.

والمعروف من المذهب أن هذا الحكم عندنا جار في انفراد علم المشتري بالكيل لجريانه في انفراد علم البائع به، وأن للبائع الخيار أيضًا إذا اطلع على انفراد المشتري بعلم ذلك. ورأيت بعض أصحابنا حكى فيه عن بعض أهل المذهب خلافًا. ورأى أن البائع لا خيار له؛ لأن الانفراد بالعلم كعيب يوجب الخيار كما قدمناه، لكون البائع أيضًا إنما دخل مع المشتري على أنه يساويه في الجهالة بمبلغ المبيع. وذكر القاضي أبو محمَّد عبد الوهاب أن القاضي كان يعارض هذا ويراه كالممتنع في المذهب، لأجل قولهم: إن البيع يفسد إذا اشترط البائع أنه لا يذكر للمشتري ما علم، مع قولهم: إنه إذا اطلع على علمه بعد العقد كان بالخيار في الرد والإمضاء. وإذا قدروا انفراد البائع بعلم عيب يوجب للمشتري الخيار إذا اطلع عليه فإذا اشترطه في أصل العقد فينبغي أن لا يكون للمشتري مقال في صحة هذا البيع ولا في رده. كما إذا بين البائع العيب في أصل العقد.

وأجاب القاضي أبو محمَّد عبد الوهاب عن هذا بأنه غير ممتنع أن يكون الشيء يفسد العقد إذا قارنه ولا يفسده إذا اطلع عليه بعد العقد. كما قيل في بيع أمة مغنيّة: إنه إن اشترط كونها مغنية في أصل العقد فسد البيع، وإن لم يشترط ذلك ثم اطلع المشتري بعد العقد على كونها مغنية كان بالخيار في إمضاء العقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015