شرح التلقين (صفحة 1249)

أو رده بهذا العيب الذي هو كونها مغنية. وكذلك لو غصب سلعة وباعها مِمّن يَظُن أنها مِلْكُه، ثم اطلع على أنها مغصوبة، فإن البيع لا يفسد ويثبت فيه الخيار الذي نذكره في موضعه إن شاء الله تعالى. ولو شرط البائع كونها مغصوبة، ودخل المشتري على ذلك لفسد البيع. فأنت ترى كيف كان الاطلاع على هذه الأمور بعد العقد لا يؤثر في صحته. [والاطلاع (?) عليها في أصل العقد يؤثر في صحته]. وهذا الذي ذكره رحمه الله في شراء السلعة المغصوبة وشراء المغنية.

نبسط الكلام فيه في موضعه، ونكتة الأمر فيه أن اشتراط هذا بها عددًا أو وزنًا، فقد علم من علم عددها مقدار ما يحصل بها من الأعواض. وعلمْه بذلك ربّما أغنى عن علمه بالوزن، ولم يفده العلم بالوزن شيئًا، فإذا انفرد العلم بهذا، صار المشتري أيضًا لم يدخل معه على أنه يعلم عددها فيعلم بذلك مقدار ما يحصل له من الأعواض، وإنما يدخل على أنه لا يعلم هو ولا البائع مقدار ما يحصل بها من الأعواض. فهذا مما ينظر فيه. كتمان ما علم من قيل الصبرة في أصل العقد يوقع في التخاطر والغرر الذي نبهنا عليه، والاطلاع على ذلك بعد العقد يدفع كون العقد وقع على غرر.

وقد قال بعض المتأخرين: إن البيع لو كان له مبلغان يباع عليهما فعلم البائع أحد المبلغين دون المشتري وبايَعه على المبلغ الآخر جزافًا، فإن ذلك يجوز، ولا مقال فيه للمشتري. ومثَل هذا بدراهم تباع ببلد وزنًا وعددًا فباعها على الوزن مجازفة وهو منفرد نعلم العدد، ورأى أن المتبايعين لما استويا ها هنا في الجهل بالمبلغ الذي تجازفا فيه لم يكن في العقد قدح ولأ خيار.

وهذا الذي قاله فيه نظر على التعليل الذي قدمناه. لأن الدراهم إذا كانت يتبايع بها عددًا أو وزنًا، فقد علم من علم عددها مقدار ما يحصل بها من الأعواض. وعلمه بذلك ربما أغنى عن علمه بالوزن، ولم يفده العلم بالوزن شيئًا. فإذا انفرد العلم بهذا صار المشتري أيضًا لم يدخل معه على. أنه يعلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015