شرح التلقين (صفحة 1247)

أم لا؟ فذهب أشهب إلى أنه لا يفسخ، تقريبًا منه حكم هذا من أحكام الجزاف، والجزاف جائز كما قدمناه. ورأى غيره أنه يفسخ؛ لأن العدول عن المعتاد من المكيال إلى المجهول منها قَصْدٌ إلى الغرر والمخاطرة. وقد حاول بعض المتأخرين أن يجعل فيما حكيناه عن ابن المواز اضطرابًا في المذهب. هل منع شراء ملء قارورة وحل (?) غرارة لكونه جزافًا غير مرئي، أو لكونه تبايعاه بمكيال مجهول المقدار؟ وذكر الرواية الواردة يمنع أن يبيع منه قمحًا مكيلَ هذه الصبرة.

وأجاز ذلك في سلة عنب أن تشتري سلة عنب مملوءة ويملأها له ثانية، وما ذلك إلا لكون العنب مما لا يكال. فلم يقصدا في اشتراطهما ملأها ثانية إلى البيع بمكيلة مجهولة، والقمح مما يكال. فإذا اشترى كيلًا مثل الصبرة المعقود عليها، صار (?) هذا كالعقد بمكيال مجهول. وهذا الذي قاله في الصبرة يفتقر إلى بسط، ولعلنا أن نبسطه في أحكام الصبر إن شاء الله تعالى.

والجواب عن السؤال الخامس أن يقال:

إذا استوى المتعاقدان في العلم بكيل المبيع لم يكونا عقَدا على جزاف.

وإن استويا في الجهل بكيله كانا عقدا على الجزاف وإن انفرد أحدهما بعلم كيله فإنهما ليسا بمتجازفين فلا يجوز العقد على هذا عندنا.

وأجازه أبو حنيفة والشافعي.

ولا يخلو انفراد أحدهما بعلم ذلك: إما أن يشترط على المشتري أنه لا يخبره بما علم من مبلغ الكيل ويَكِله إلى حزْر نفسه أو يكتم أنه يعلم. ذلك ثم يطلع على ذلك بعد العقد.

فأما إن اشترط عليه في أصل العقد أنه يعلم بالكيل ولا يعلمه بذلك، فإن البيع فاسد لأجل أنهما عقدا على مخاطرة وغرر. وقد نبهنا عليه فيما تقدم من كون المشتري إنما ينشط خاطره للشراء، ويعتقد أنه لم يغبن إذا علم أن البائع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015