شرح التلقين (صفحة 1244)

ومن هذا الأسلوب بيع الذهب والفضة جزافًا. فأمّا ما كان منها تبرًا أو مصوغًا فإن بيعه عندنا جزافا غير ممنوع، ولو كان العلي محش وَا لم يمنع ذلك من بيعه جزافًا إذا اختبر مقدار الحشو من الساتر من ذهب أو فضة، بأن يعلم غلظ هذا الساتر من الذهب أو الفضة فيمكن حزره. وإذا لم يعلم مقدار غلظه من رقته لم يمكنه أن يحزر وزنه حزرًا موثوقًا به. وأما إن كان الذهب أو الفضة مسكوكين دنانير أو دراهم، فإنه في المدونة لم يُجز بيع ذلك جزافًا. واختلف البغداديون في هذا المنع هل هو منع كراهة أو منع تحريم؟ فقال ابن القصار: إنّه منع كراهة. وأشار إلى هذا محمَّد بن عبد الحكم في قوله: لم أر أحدًا من أصحابنا يجترىء على فسخ بيع الدنانير والدراهم جزافًا. وذهب أبو بكر الأبهري وأبو محمَّد عبد الوهاب إلى حمل هذا المنع على التحريم. فمقتضى مذهب ابن القصّار لا يفسخ البيع لكونه مكروهًا لا محرمًا. ومقتضى قول الأبهري وأبي محمَّد عبد الوهاب الفسخ، إذا لم يراعيا الخلاف في هذا.

واختلف أيضًا في تعليل منع هذا، فأشار محمَّد بن مسلمة إلى أن الجزاف إنما جاز لكون الغلط فيه إنما يقع بيسير محتقر يزيد ذلك على حزر الحازر العارف أو ينقص. واليسير من الذهب والفضة له مقدار، وتشح النفوس عليه ما لا تشح على اليسير من غيره .. فلهذا منع بيع الدنانير والدراهم جزافًا. وهذا الذي قاله، وإن كان يستمر على القاعدة التي قدمناها في اعتبار كون الغرر مقصودًا أو غير مقصود، فإنه ينتقض على أصل المذهب لإجازة أهل المذهب بيع التبر والذهب والفضة المصوغين جزافًا. ويتصور من نفاسة مقدار الغلط فيها ما يتصور في الذهب والفضة المسكوكين وكذلك اللؤلؤ يتصور من نفاسة الغلط بقليله ما يتصور في الدنانير والدراهم المسكوكين.

وهذا في لؤلؤ تتسَاوى آحاده، والقصد فيه مبلغه لا الاطلاع على كل واحدة على حيالها، فإن بيع ذلك لا يجوز عندي جزافًا، وهو كبيع الرقيق والخيل.

وذكر القاضي أبو محمَّد عبد الوهاب ها هنا المنع من بيع الجوهر جزافًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015