شرح التلقين (صفحة 1245)

ولم يفصّل بين كبيرها وصغيرها. والمرجع في هذا إلى العادة فيما المقصود آحاده، أو المقصود مبلغه.

وعلل المنع من هذا الشيخ أبو بكر الأبهري والقاضي أبو محمَّد عبد الوهاب بأن الدنانير والدراهم ما خفّ منهما أنفقُ مما ثقل. فصار الغرر فيها إذا بيعت جزافًا من وجهين: الجهلَ بمقدار الخفيف منها من الثقيل، والجهلَ بالمبلغ. والغررُ إذا صار من جهتين صار مقصودًا.

والقمح واللحم إنما المقصود فيهما العلم بمبلغ قيل القمح ووزن اللحم،

فصار الغرر من جهة واحدة فخف وأجيز.

والحق أن هذا التعليل الذي وقع للأبهري إنما ذكره في بيع الدنانير والدراهم المعدودة. هكذا قال محمَّد بن عبد الحكم في المختصر. ولما شرح الأبهري كلامه في هذا أشار إلى ما قلناه من التعليل. وهكذا في الموطّأ قال مالك رضي الله عنه: لا تباع الدنانير والدراهم المعدودة جزافًا، والعدول إلى الجزاف فيها غرر (?). فقيد المنع يكون الدنانير والدراهم معدودة، كما ذكر ابن عبد الحكم في المختصر. وقد كنا نحن قدمنا ما وقع لمالك رضي الله عنه في الموطأ من بيع المعدود جزافًا ونقلنا فيما تقدم كلامه في هذا، وتأولناه بأن المراد به ما كان من المعدود يُقصد منه إلى الاطلاع على عين آحاده دون ما كان يقصد منه الاطلاع على المبلغ خاصة. وذكرنا أنه إن تُرك قول مالك هذا على ظاهره عمومًا في كل معدود، فإنما ذلك لكون المكيل والموزون قد يتعذّر عن بيعهما وجود المكيال والميزان" والعدد لا يتعذر لأنه علم لا يفارق المتعاقدين ولا يستعينان فيه بآلة كالمكيال والميزان.

والجواب عن السؤال الرابع أن يقال: الجزاف يجوز العقد عليه سواء كان المبيع موضوعًا على الأرض أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015