وكون العقد الفاسد عقدًا يفتقر إلى حل، فيه اضطراب في المذهب سنتكلم عليه في كتاب البيع الفاسد إن شاء الله تعالى. فإذا راعينا الخلاف وجعلنا العقد الفاسد له شبهة العقود، افتقر إلى حله بقضية قاض. وإن لم يراع الخلاف ولا جعلنا العقد الفاسد عقدًا، فإنه لا يجب الافتقار إلى قضية قاض.
فإذا تقرر عندك هذا الاضطراب في افتقار العقد إلى حل إذا كان مختلفًا في فساده، فإنه إذا كان العقد مجتمعًا على فساده أو مختلفا لم فيه فقضى بنقضه قاض لم يختلف في ترك مراعاة بيع الطعام قبل قبضه، إذ لا طعام ها هنا في الذمة يباع قبل القبض. لكن لو أراد (?) بعد الحكم بالفسخ أن يأخذ مثل ما عقدا عليه من الطعام في المقدار والصفة، فإن ظاهر المذهب على قولين: أحدهما إجازة ذلك، لكون المأخوذ الآن إنما أخذ معاوضة عن دنانير، لا عن مثل ما كان في الذمة على اعتقادهما ومقتضى عقدهما. وإلى هذا ذهب ابن حبيب. وظاهر كلام ابن المواز المنع منه، لئلا يكون لم يقصد بهذه المعاوضة الثانية إلا إمضاء الأولى التي فسخت عليهما، فيكون الفسخ لم يفد، ومتى أبحنا له، وقد أسلم في مائة قفيز سمراء سلمًا فاسدًا ففسخ عليهما ووجب رد رأس المال أن يأخذ عنه مائة قفيز سمراء، فإنّ هذا الذي فعلاه صورة ما عقدا عليه والفسخ لم يفد شيئًا. وقد وقع لمالك رضي الله عنه فيمن [قال من طعام أسلم فيه سلمًا صحيحاَ وأخّر المناجزة في رأس المال، أنّ الإقالة تفسخ لما دخلها وما تصور فيها من فسخ الدين. لكنه أباح لهما أن يرجعا إلى إقالة صحيحة يتناجزان فيهالأولم يتهمهما على إمضاء الإقاله الأولى التي فسخت عليهما ولم يقدر أنهما رجعا إليها. وهذا ينظر لأحد القولين في إجازة أخذ مثل الطعام سواءً بعد الحكم بفسخه. لكن الإقالة الأولى تصور فيها سورة التأخير وتقدير اتّهامهما على فسخ الدين في الدين، وهذه الثانية لم يتصور فيها ذلك لأنهما يتناجزان فيها. وهكذا وقع لابن القاسم فيمن قارض رجلًا بمائة على أن يحمل