العقد عليها، وإذا كانت خالية من الحنطة فالواجب رد رأس المال كما يحكم في البياعات الفاسدة، فإن التمر المأخوذ ها هنا عن رأس المال الذي هو دنانير ودراهم، وبيع الدنانير والدراهم قبل قبضها بتمر دين. هذا هو الأصل المعتمد عليه، وعليه وقع جواب ابن القاسم في المدونة من غير اشتراط وقوع حكم القاضي بالفسخ. وأجاز لمن أسلم في حنطة سلمًا فاسدًا أن يأخذ تمرًا. وهذا طرد مذهبه؛ لأن السلم إذا فسد عقده لم يستحق المسلم في ذمة المسلَم إليه سوى رأس ماله الذي دفع إليه. لكن أشهب التفت في هذا إلى اختلاف العلماء في هذا العقد الذي أفسدناه نحن وأمضاه غيرنا، فنهى عن أخذ التمر عن الحنطة حتى يقضي القاضي بفسخ العقد فيرتفع الخلاف. أو يكون الفساد مجمعًا عليه فيكون عُرُوُّ الذمة متفقًا عليه ولا مخالف فيه يمحسَّس إليه، وهذه مُراعاة منه لاختلاف العلماء، واحتياطًا من الوقوع في المحرم. لأنه إذا كان بعض العلماء يرى عقد هذا السلم صحيحًا وقد يرفع إلى قاضٍ يحكم بصحته، صارت المعاوضة عند هؤلاء كبيع الطعام قبل قبضه. ولكن أشار بعض الأشياخ إلى أن المتعاقدين لو وقعا في هذه المعاوضة ما أُحسِّن أن تفسخ عليهما مع كون هذه المعاوضة عندنا جائزة، ولا يحسن بالفقيه أْن يفسخ عقدًا وهو عنده جائز ماض لأجل أن غيره ذهب إلى فساده. لكن يحسن النهي عن الوقوع في هذا ابتداءً احتياطًا من الخلاف.
ومال بعض الأشياخ إلى أنهما لو حكّمًا رجلًا فحكم بالفسخ لحل ذلك محل حكم القاضي. وأشار أيضًا إلى أن أحدهما لو حكّم صاحبه فاجتهد فم بالفسخ أو اجتهدا جميعًا ففسخاه لأجزأهما ذلك.
وهذا الّذي قاله في حكم أحدهما أو حكمهما جميعًا فيه نظر؛ لأن الحاكم لا يحكم لنفسه. لكن الاختلاف في تراضيهما فالإشهاد على الفسخ هل يحل ذلك محل الحكم بالفسخ؟ مشهور بين أشهب وابن المواز (?) ومراعاة الخلاف