له مائة أخرى إلى بلدة أخرى، أن القراض فاسد ويقضي فيه، على أصله، بإجارة المثل، لأجل ما فيه من زيادة منفعة انفرد بها رب المال، وهي حمل المائة الأخرى. لكون ابن القاسم أجاز لهما أن يتراضيا على ما حصل من الربح. وهذا وإن وقع بعد معرفتهما بمقدار ما يجب للعامل من الإجارة وفسخ العقد بأنه. رجوع إلى ما فسخناه عليهما أولًا. وكذلك قال أشهب في غاصب غصب قمحًا جُزافُ اثم تراضيا على مكيلة معلومة بعد الحكم بالقيمة، أنّ ذلك جائز. ورأى أنّ الحكم بالقيمة يمنع من كون الطعام مأخوذًا عن الطعام الجزاف من غير قيمة وجبت فيه لم يجز (?) لجواز التفاضل بين الطعامين والشك في الوقوع فيه. وهكذأ قال فيمن صرف دنانير بدراهم فوجد الدناني رنا قصة حتى وجب الرد، فإنه لا بأس أن يصرفها منه، وإذا أبحنا له أن يصرفها بدراهم بعد أن نقضنا الصرف الأول لما فيه من النقصِ لم يمنع أيضًا أخذ مثل الطعام المسلم فيه بعد أن نقض العقد فيه. لكن إن كان المراد بهذا يصرفها صرفُ اثانيًا ليس مثلَ الأول فقد يباح هذا لأجل ما في العقد الثاني من المخالفة الأولى (?). وهكذا اضطراب أصحابنا في جواز الأخذ عن القفح شعيرًا أو سُلْتا. فكان الشيخ أبو محمَّد اللؤلئي يرى أن ذلك مثل أخذ القمح بعينه الذي أسلم فيه، لكون الشعير والسلت في الزكاة والبيع حكمهما حكم القمح.
وذهب ابن أبي زمنين إلى أن ذلك ليس كأخذ المسلم فيه بعينه بعد الفسخ، لكون هذا المأخوذ ليس هو عين الأول الذي فسخ. وقد أجاز ابن حبيب أن يأخذ بعد الفسخ سمراء عن محمولة لما دخل في العقد الثاني من التغيير عن العقد الأول.
وإذا جاز أخذ السمراء عن المحمولة فَأَخْذُ السلت والشعير أولى بالجواز. لكن لو أخذ عن سمراء جيدة سمراء دنيّة، لكان هذا أقرب إلى الإشكال من أخذ الشعير والسلت.