أي على القوم. كذلك قال أبو الحسن الأخفش. وإليه أشرت بذكر الاستعلاء في معاني "من". وأشرت بذكر الفَصْل إلى دخولها على ثاني المتضادّين نحو (واللهُ يعلم المفسدَ من المصلح) و (حتى يميز الخبيثَ من الطَّيِّبِ) ومنه قول الشاعر:

إذا ما ابتدأتَ امرأ جاهلا ... ببِرّ فقَصّر عن فعْله

ولم تره قائلا للجميل ... ولا عَرف العزّ مِن ذُلّهِ

فسُمْه الهوانَ فإنْ الهوانَ ... دواءٌ لذي الجهل من جَهْلِه

وأشرت بموافقة الباء إلى قوله تعالى (ينظرون من طرفٍ خفيّ) أي بطرف خفي قال الأخفش: قال يونس: "نظرون من طرف خفي" أي بطرف، كما تقول ضربته من السيف أي بالسيف. وأشرت بموافقة "في" إلى نحو قول عدي بن زيد:

عسى سائلٌ ذو حاجةٍ إنْ مَنَعْتَه ... من اليوم سُؤْلًا أنْ يُيَسَّرَ في غد

وتزاد "من" للعموم كقولك ما في الدار من رجل، فمن زائدة لأن الكلام يصح بدونها إذا قلت ما فيها رجل، لكن ما فيها من رجل لا محتمل له غير العموم؛ ولذلك يخطّأ مَن قال ما فيها من رجل بل اثنان، وما فيها رجل محتمل لنفي الجنس على سبيل العموم ولنفي الواحد دون ما فوقه، ولذلك يجوز أن يقال ما فيها رجل بل اثنان.

فلو كان المجرور بمن هذه "أحدا أو دبيّا" أو غيرهما من الأسماء المقصورة على العموم لكانت مزيدة لمجرد التوكيد، فقولك ما فيها أحد وما فيها من أحد سيّان في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015