نصه. فسوّى بين الثلاثة في صحة بناء التعجب منها. وأطلق القول بأفعل فعلم بأنه لا فرق بين ما همزته للتعدية وبين ما همزته لغير التعدية كما فعل ابن عصفور إذ أجاز القياس على ما أغفى زيدا، لأن همزته غير معدية، ولم يقس على ما أعطاه لأن همزته معدية وهو تحكم بلا دليل. هذا مع أن سيبويه قال بعد قوله: وبناؤه أبدا من فَعَل وفَعِل وفَعُل وأفْعَل: "فشبيه هذا بما ليس من الفعل نحو لات وما. وإن كان من حسن وكرم وأعطى" ولم يفرق بين أعطى وبين حسن وكرم مع العلم بأن همزة أعطى معدية لأنه يقال عطوت الشيء بمعنى تناولته، وأعطيته فلانا فيصير عطوت بالهمزة متعديا إلى اثنين بعد أن كان دونها متعديا إلى واحد. ومن تصريح سيبويه باطراد ما أعطاه وشبهه قوله في الربع الآخر من كتابه: "هذا باب ما يستغنى فيه عن ما أفعله بما أفعل فعله كما استغنى بتركت عن ودعت، كما استغنوا بنسوة عن أن يجمعوا المرأة على لفظها وذلك في الجواب، ألا ترى أنك لا تقول ما أجوبه، وإنما تقول ما أجود جوابه. ثم قال: ولذلك لا تقول أجوِبْ به وإنما تقول أجوِدْ بجوابه. ولا يقولون في قال يقيل ما أقيله، استغنوا بما أكثر قائلته، وما أنْومه في ساعة كذا وكذا، كما قالوا تركت ولم يقولوا ودعت" هذا نصه.

فجعل استغناءهم عن ما أجوبه بما أجود جوابه، مساويا لاستغنائهم عن ودَعت ماضي يدع بتركت، وعن ما أقيله بما أكثر قائلته. مع العلم بأن عدولهم عن ودع إلى ترك وعن ما أقيله إلى ما أكثر قائلته على خلاف القياس، وأن وَدَع وما أقيله موافقان للقياس، فيلزم أن يكون ما أجوبه موافقا للقياس، وهذا بيّن والاعتراف بصحته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015