متعيّن. وإنما استحق أفعل مساواة الثلاثي المحض في هذا الاستعمال دون غيره من أمثلة المزيد فيه لشبهه به لفظا، فمن قِبَل أن مضارعه واسم فاعله واسم زمانه واسم مكانه كمضارع الثلاثي، واسم فاعله وزمانه ومكانه في عدة الحروف والحركات وسكون الثلاثي بخلاف غيره من المزيد فيه. وأما الموافقة في المعنى فكثير. فمن موافقته لفعَل سرى وأسْرى وطلع على القوم وأطلع، أي أشرف، وطفلت الشمس أي دنت للغروب (كأطفلت) وعتم الليل وأعتم أي أظلم، وعكل الأمر وأعكل أي أشكل. ومن موافقته لفَعِل غطِش الليل وأغطش أي أظلم، وعوز الشيء وأعوز أي تعذّر وكذلك الرجل إذا افتقر، وعدم الشيء وأعدمه أي فقده، وعبست الإبل وأعبست أي دنست أوبارها. ومن موافقته لفعُل خلُق الثوب وأخلق أي بلى وبطُؤ وأبطأ، وبؤُس وأبأس، أي ساءت حاله، ونظائر ذلك كثيرة. ولكون أفعل مختصا من بين الأفعال المغايرة للثلاثي بمشابهته لفظا وموافقته معنى أجراه سيبويه مجراه في اطراد بناء فعلي التعجب منه.
وقد يبنيان من غير فعل كقولهم ما أذرع فلانة، بمعنى ما أخفها في الغزل وهو من قولهم امرأة ذَراع وهي الخفيفة اليد في الغزل، ولم يسمع منه فعل. ومثله في البناء من وصف لا فعل له: أقمن به، أي أحقق اشتقه من قولهم هو قَمِن بكذا أي حقيق به. وهذان وما أشبههما شواذ لبنائهما من غير فعل. ومثلهما في الشذوذ قولهم ما أعساه وأعس به، بمعنى ما أحقه وأحقق به، وهو فعل غير متصرف. وإلى هذا أشرت بقولي: أو فعل غير متصرف".
ومن الأفعال ما لم يصغ منه فعل تعجب مع كونه ثلاثيا مجردا تاما متصرفا قابلا للكثرة مصوغا للفاعل غير معبَّر عن فاعله بأفْعَلَ فَعْلاء، فمن ذلك سكر وقعد وجلس ضدا قام، وقال من القائلة، استغنت العرب فيهما بما أشد سكره وما أكثر قُعوده وجلوسه وقائلته عن ما أسكره وأقعده وأجلسه وأقيله. وإليهما أشرت بقولي "وقد يغني في التعجب فعل عن فعل مستوف للشروط كما يغني في غيره" ثم قلت "ويتوصل إلى التعجب بفعل مثبت متصرف مصوغ للفاعل ذي مصدر مشهور إن لم يستوف الشروط بإعطاء المصدر ما للمتعجب منه مضافا إليه بعد ما أشد أو أشدد ونحوهما" ففهم من هذا أنه يقال في دحرج وانطلق: ما أشد دحرجته