وقد يبنى فعل التعجب من فعل أفعل مفهم عسر أو جهل، والإشارة إلى حُمق ورعن وهوج ونوك ولدّ إذا كان عسر الخصومة. وبناء الوصف من هذه الأفعال على أفعل في التذكير وفعلاء في التأنيث لكنها ناسبت في المعنى جهل وعسر فجرت في التعجب والتفضيل مجراهما فقيل ما أحمقه وأرعنه وأهوجه وأنوكه وألدّه، وهو أحمق منه وأرعن وأهوج وأنوك [وألدّ]. وقد يبنى فعل التعجب من ثلاثي مزيد فيه كقولهم من اشتد ما أشدّه، ومن اشتاق ما أشوقه، ومن اختال ما أخوله ومن اختصر الشيء ما أخصره، وفي هذا شذوذ من وجهين: أحدهما أنه مزيد فيه والآخر أنه من فعل المفعول. وأكثر النحويين يجعلون من شواذ التعجب: ما أفقره وما أشهاه وما أحياه وما أمقته، لاعتقادهم أن ثلاثي افتقر واشتهى واستحيى مهمل، وأن فعل الفاعل من مقت غير مستعمل. وليس الأمر كما اعتقدوا، بل استعملت العرب فقُر وفقِر، وشهى الشيء بمعنى اشتهاه، وحيى بمعنى استحيا، وكذلك استعمل مقُت الرجل مقاتة إذا صار مَقيتا، أي بغيضا، فليس قولهم ما أفقره من افتقر، بل هو من فقرُ وفقِر، ولا ما أشهاه من اشتهى بل من شهى، وما أحياه من استحيا بل م حيى، ولا ما أمقته من مُقِّت بل من مَقُت.

وممن خفى عليه استعمال حيى بمعنى استحيا أبو علي الفارسي. وممن خفى عليه استعمال فقُر وفقِر ومَقُت سيبويه. ولا حجة في قول مَن خفى عليه ما ظهر لغيره. بل الزيادة من الثقة مقبولة. وقد ذكر استعمال ما ادّعيت استعماله جماعة من أئمة اللغة. وإن كان المزيد فيه على وزن أفعل لم يقتصر في صوغ فعل التعجب منه على المسموع، بل يحكم فيه بالاطراد وقياس ما لم يسمع منه على ما سمع ما لم يمنع مانع آخر. هذا هو مذهب سيبويه والمحققين من أصحابه.

ولا فرق بين ما كانت همزته للتعدية كأعطى وبين ما همزته لغير التعدية كأغفى. وشهد بأن هذا مذهب سيبويه قوله في باب التعجب المترجم بهذا باب ما يعمل عمل الفعل ولم يجر مجرى الفعل ولم يتمكن تمكنه. وبناؤه أبدا من فَعَل وفَعِل وفَعِل فَعُل وأفْعَل. هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015