وللمؤنث فعلاء. ولا فرق في هذا النوع بين ما هو من العيوب كبرص وخرس وحول وعور وبين ما هو من المحاسن كشهل وكحل وظمي ولمي. وإنما لم يبن من هذا النوع فعل التعجب، لأن مبناه من الفعل أن يكون ثلاثيا محضا، وأصل الفعل في هذا النوع أن يكون على أفعل، ولذلك صحت فيه العين إذا كان ثلاثي اللفظ كهيف وحيد وعور وحول ولم تقلب ألفا كام فعل بهاب وناب وخاف ونام، مع أن العين من جميعها حرف لين متحرك مفتوح ما قبله، وهذا الذي فُعِل بفعِل من التصحيح حملا على أفعل مقدرا أو موجودا شبيه بما فعل باجتوروا حملا على تجاوروا، وبمخيط حملا على مخياط، ولولا ذلك لقيل في اجتوروا اجتاروا كما قيل اختاروا واقتادوا. ولقيل في مخيط مخاط كما قيل مثلا ومعاش، فكان تصحيح هيف وأخواته مع استحقاقه بظاهره ما استحقه هاب وأخواته دليلا على أن أصله أفعل، وأفعل لا يبنى منه فعل تعجب فجرى مجراه ما هو بمعناه وواقع موقعه. وهذا التعليل هو المشهور عند النحويين. وعندي تعليل آخر أسهل منه، وهو أن يقال لما كان بناء الوصف من هذا النوع على أفعل لم يبن منه أفعل تفضيل لئلا يلتبس أحدهما بالآخر، فلما امتنع صوغ أفعل التفضيل امتنع صوغ فعل التعجب لتساويهما وزنا ومعنى، وجريانهما مجرى واحدا في أمور كثيرة. وهذا الاعتبار هيّن بيّن، ورجحانه متعيّن.
وقد يبنى فعل التعجب من فعل المفعول إن أمن الالتباس بفعل الفاعل نحو ما أجنّه وما أبخته وما أشغفه. وهذا الاستعمال في أفعل التفضيل أكثر منه في التعجب "كأزهى من ديك" و"أشغل من ذات النحبين" وأشهر من غيره وأعذر وألوم وأعرف وأنكر وأخوف وأرجى من شُهِر وعُذر وليم وعُرف ونُكر وخيف ورُجي.
وعندي أن صوغ فعل التعجب وأفعل التفضيل من فعل المفعول الثلاثي الذي لا يُلبس بفعل الفاعل لا يقتصر فيه على المسموع، بل يحكم باطراده لعدم الضائر وكثرة النظائر.