فكفى بنا فَضْلا على مَن غيرنا ... حُبُّ النبيِّ محمدٍ إيّانا
ونظير ما جاء في التعجب من لفظ الأمر مرادا به الخبر ما جاء من ذلك في جواب الشرط كقوله تعالى (قل مَن كان في الضَّلالة فلْيَمْدُدْ له الرحمن مَدّا) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار". وإلى هذا النوع أشرت بقولي "واستفيد الخبر من الأمر هنا وفي جواب الشرط" ثم قلت: "كما استفيد الأمر من مثبت الخبر والنهي من منفيه" فمثال الأول قوله تعالى (والمطلّقات يتربّصْن بأنفسهنّ ثلاثةَ قروء). ومثال الثاني قوله تعالى: (لا تُضارَّ والدةٌ بولدها) بضم الراء وهي قراءة ابن كثير. ثم قلت "وربما استفيد الأمر من الاستفهام" مشيرا إلى نحو قوله تعالى (وقل للذين أوتوا الكتاب والأمِّيِّين أأسْلَمْتم) وقوله تعالى (فهلْ أنتم مُنْتَهون).
ثم قلت: "ولا يتعجب إلا من مختص" فنبهت بذلك على أن المتعجب منه مخبر عنه في المعنى فلا يكون إلا معرفة أو نكرة مختصة، فيقال: ما أحسنك وما أكرم زيدا، وما أسعد رجلا اتقى الله، ولا يقال ما أحسن غلاما، ولا ما أسعد رجلا من الناس، لأنه لا فائدة في ذلك.