وقال نبيُّ المسلمين تقدَّموا ... وأحْبِب إلينا أن تكونَ المُقدَّما
ولو اضطر شاعر إلى حذف الباء المصاحبة غير "أنْ" بعد أفعِلْ لزمه أن يرفع، وعلى مذهب الفراء يلزمه النصب، ولا حجة له في قول الشاعر:
ألا طرقتْ رحالَ القومِ ليلى ... فأبْعدْ دارَ مرتحلٍ مَزارا
لإمكان جعل أبعِدْ دعاء على معنى أبعد الله دار مرتحل عن مزار محبوبه، كأنه يحرض نفسه على الإقامة في منزل طروق ليلى، لأنه صار بطروقها مزارا، ولا حجة له في قول الشاعر:
وأجْدرْ مثل ذلك أن يكونا
لاحتمال أن يكون أجدرْ فعل أمر عاريا من تعجب بمعنى اجعل مثل ذلك جديرا بأن يكون، أي حقيقا بالكون، يقال جدُر بكذا جَدارة، أي صار به جديرا وأجدرته أي جعلته جديرا أي حقيقا. ويحتمل أن يكون أجدر فعل تعجب مسندا إلى مثل ذلك ثم حذفت الباء اضطرارا واستحق مصحوبها الرفع بحق الفاعلية، لكنه بُني لإضافته إلى مبنى، كما بُني في قوله تعالى: (إنّه لَحَقٌّ مِثلَ ما أنّكُم تنطِقُون) على قراءة غير أبي بكر وحمزة والكسائي.
الثاني من وجهي الفرق أن كفى قد تسند إلى غير المجرور بالباء فيكون هو في موضع نصب ولا يفعل ذلك بأفْعِلْ أصلا. ومن المواضع التي أسند فيها كفى إلى غير المجرور بالباء قول الشاعر: