المخاطب لبرز ضميره في التأنيث والتثنية والجمع، كما يلزم مع غيره من أفعال الأمر العارية من المثلية. وقيدت أفعال الأمر بالعارية من المثلية احترازا من نحو "خُذ ما صفا ودَعْ ما كَدر" و"زر غِبّا تزدد حُبّا". على أن قولهم "اذهب بذي تسلم" أشبه بالأمثال وأحق بأن يجرى مجراها، ولم يمنع ذلك من بروز فاعل الفعلين في التثنية والجمع والتأنيث. فلو كان أفعِلْ المذكور فعل أمر جاريا مجرى المثل لعومل معاملة "اذهب بذي تسلم". الثالث من الإشكالات أن أفعِلْ المذكور لو كان أمرا مسندا إلى المخاطب لم يجز أن يليه ضمير المخاطب نحو أحسن بك، لأن في ذلك إعمال فعل واحد في ضميرين فاعل ومفعول لمسمى واحد. الرابع من الإشكالات أن أفعِلْ المشار إليه لو كان بمعنى الأمر لا بمعنى أفعَلَ تالي "ما" لوجب له الإعلال إذ كانت عينه ياء أو واوا ما وجب لأبِن وأقم ونحوهما ولم يُقل أبين وأقوِمُ فيلزم مخالفة النظائر.

فإذا جعل مخالفا لأبن وأقم ونحوهما في الأمرية موافقا لأبْيَن وأقْوَم من ما أبْيَنَه وما أقْوَمه في التعجب سلك سبيل الاستدلال وأمن الشذوذ في التصحيح والإعلال. وقد تبيّن بتقدير ما ذكرته فاعلية ضمير أفعِلْ به المجرور بالباء. وهو نظير المجرور بعد كفى في نحو (كفى بالله شهيدا) إلا أن بينهما فرقا من وجهين: أحدهما أن الباء في "كفى بالله شهيدا" ونحوه قد تحذف ويرتفع مصحوبها كقول الشاعر:

عَمَيرة ودّعْ إنْ تَجهَّزتَ غاديا ... كفى الشيبُ والإسلامُ للمَرْء ناهيا

والباء الجارة ما بعد أفعِلْ لا تحذف إلا إذا كان مصحوبها أنْ والفعل، كقوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015