حقه أن يكون عليه، فمن ذلك قوله تعالى (بئس مثلُ القومِ الذين كَذَّبوا بآياتِ الله)، فلو حذفت بئس وأخبرت بالذين عن مثل القوم لم يجز، فوجب لذلك التأويل، إما يجعل الذين في موضع جر نعتا للقوم وجعل المخصوص محذوفا، وإما بجعل الذين هو المخصوص على تقدير بئس مثل الذين ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه في الرفع بالابتداء، كما ينبغي للمخصوص الجائي على الأصل. فإلى هذا وشبهه أشرت بقولي "فإن باينه أوّل".
ثم قلت: "وقد يحذف" فنبهت على أن مخصوص نعم وبئس قد يحذف وتقام صفته مقامه، وأن ذلك قد يكون والصفة اسم كقولك: نعم الصديق حليم كريم، وبئس الصاحب عذول خُذول، ويكثر ذلك إذا كانت الصفة فعلا والفاعل ما كقوله تعالى (بئسَ ما يأمُركم به إيمانُكم) وكقوله تعالى (ولبئس ما شَرَوا به أنفسَهم) ويقل إذا لم يكن الفاعل "ما" كقولك نعم الصاحب تستعين به فيعينك، والتقدير نعم الصاحب صاحب تستعين به فيعينك. ومنه قول الشاعر:
لبئس المرءُ قد مُلِئ ارْتياعا ... ويأبى أن يُراعى مَن يُراعى
وجاز هذا في مثل هذا المبتدأ كما جاز في غيره من المبتدآت كقول الشاعر:
وما الدهرُ إلّا ترتانِ فمنهما ... أموتُ وأخرى أبتغي العيشَ أكدحُ
وكما جاز في المضاف إليه كقول الشاعر:
لكم مسْجِدا اللهِ المَزوران والحصا ... لكم قِبْصُه من بين أثرى وأقْترا
والتقدير: لبئس المرء رجل قد ملئ ارتياعا، فحذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه، وكذا فعل في البيت الثاني والثالث. والأصل فمنهما تارة أموت فيها، ومِن