فأمّا التي خيرُها يُرْتَجى ... فأجودُ جودًا من اللّافِظَهْ
ص: ويدل على المخصوص بمفهومَي نعم وبئس، أو يذكر قبلهما معمولا للابتداء، أو لبعض نواسخه، أو بعد فاعلهما مبتدأ أو خبر مبتدأ لا يظهر، أو أول معمولي فعل ناسخ، ومن حقه أن يختص ويصلح للإخبار به عن الفاعل موصوفا بالممدوح بعد نعم، وبالمذموم بعد بئس. فإن باينه أُوّل. وقد يحذف ويخلفه صفته اسما وفعلا. وقد يغني متعلق بهما. وإن كان المخصوص مؤنثا جاز أن يقال نعمت وبئست مع تذكير الفاعل.
ش: المخصوص بمفهومَي نعم وبئس هو المقصود بالمدح بعد نعم، وبالذم بعد بئس، كزيد وعمرو في قولك نعم الرجل زيد وبئس القرين عمرو، وإذا كان مذكورا هكذا فهو مبتدأ مخبر عنه بما قبله من الفعل والفاعل، ولا يضرّ خلوّ الجملة من ضمير يعود على المبتدأ، لأن الفاعل هو المبتدأ في المعنى، فلم يحتج إلى رابط، إذ هو مرتبط بنفسه، كما لم يحتج إلى رابط إذا كانت الجملة نفس المبتدأ في المعنى نحو كلامي الله ربّنا.
وأجاز سيبويه كون المخصوص خبر مبتدأ واجب الإضمار، والأول أولى، بل هو عندي متعيّن، لصحته في المعنى وسلامته من مخالفة أصل، بخلاف الوجه الثاني وهو كون المخصوص خبرا، فإنه يلزم منه أن ينصب لدخول كان إذا قيل نعم الرجل كان زيد، لأن خبر المبتدأ بعد دخول كان يلزمه النصب، ولم نجد العرب تعدل في مثل هذا عن الرفع. فعلم أنه قبل دخول كان لم يكن خبرا وإنما كان مبتدأ. ومن لوازم كونه خبرا قبل دخول كان أن يقال في نعم الرجال الزيدون: نعم الرجال كانوا الزيدون وفي نعم النساء الهندات. نعم النساء كنّ الهندات. ومن لوازم ذلك أيضا أن يقال إذا دخلت ظننت على نعم: نعم الرجل ظننته زيدا وأن يقال إذا دخلت وجد على نعم الرجلان أنتما: نعم الرجلان وجدا إياكما، لكن العرب لم تقل إلا نعم الرجال كان الزيدون، ونعم النساء كانت الهندات، ونعم الرجلُ ظن زيد ونعم الرجلان وجدتما كما قال زهير: