هذا هو الصحيح، وحامل سيبويه على المنع كون التمييز في الأصل مسوقا لرفع الإبهام والإبهام إذا ظهر الفاعل زال فلا حاجة إلى التمييز، وهذا الاعتبار يلزم منه منع التمييز في كل ما لا إبهام فيه كقولك له من الدراهم عشرون درهما، ومثل هذا جائز بلا خلاف. ومنه قوله تعالى (إنّ عدّة الشهورِ عند الله اثنا عشر شهرا) وقوله تعالى (واختار موسى قومَه سبعين رجلا) وقوله تعالى (فتمَّ ميقاتُ ربِّه أربعين ليلةً) وقوله تعالى: (فهي كالحجارة أو أشدُّ قسوةً) فكما حكِم بالجواز في مثل هذا وجعل سبب الجواز التوكيد لا رفع الإبهام، فكذلك يفعل في نحو نعم الرجل رجلا، ولا يمنع، لأن تخصيصه بالمنع تحكم بلا دليل. هذا لو لم تستعمله العرب، فكيف وقد استعملته العرب كقول الشاعر:
والتغلبيون بئس الفحل فحلهم ... فحلا وأمهم زلاء منطيق
ومثله قول الآخر على الأظهر الأبعد من التكلف.
تزوّدْ مثلَ زادِ أبيك فينا ... فنِعم الزادُ زاد أبيكَ زادا
ومن ورود التمييز للتوكيد لا لرفع الإبهام قول أبي طالب:
ولقد علمتُ بأنّ دينَ محمّد ... من خيْر أديانِ البَرِيَّةِ دينا
ومثله قول الآخر: