بالمدح أو الذم نحو نعم رجلا زيد ونعمت امرأة هند، ونعم رجلين الزيدان، ونعمت امرأتين الهندان، ونعم رجالا الزيدون، ونعم نساء الهندات. وهذا الضمير المجعول فاعلا في هذا الباب شبيه بضمير الشأن في أنه قصد إبهامه تعظيما لمعناه، فاستويا لذلك في عدم الإتباع بتوكيد أو غيره. ونبهت على أن مميزه لا يكون إلا صالحا للألف واللام مع أن كل مميز لا يكون إلا كذلك بالاستقراء لأن أبا علي والزمخشري يجيزان التمييز في هذا الباب بما ويزعمان أن فاعل نعم في قوله تعالى (فنِعِمّا هي) وشبهه مضمر كما هو في نعم رجلا زيد. وما في موضع نصب على التمييز وربما اعتقد مَن لا يعرف أن هذا هو مذهب سيبويه، وذلك باطل. بل مذهب سيبويه أن "ما" اسم تام مكنّى به عن اسم معرف بالألف واللام الجنسية مقدّر بحسب المعنى كقولك في (إنْ تُبْدوا الصدقاتِ فنِعِمّا هي) أن معناه فنعم الشيء إبداؤها، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. قال أبو الحسن بن خروف: وتكون "ما" تامة معرفة بغير صلة نحو دققته دقا نعما. قال سيبويه: أي نعم الدق. ونعما هي أي نعم الشيء إبداؤها، ونعِمّا صنعْت وبئسما فعلت، أي نعم الشيء صنعت. هذا كلام ابن خروف معتمدا على كلام سيبويه، وسبقه إلى ذلك السيرافي، وجعل نظيره قول العرب: إني مما أن أصنع، أي من الأمر أن أصنع، فجعل "ما" وحدها في موضع الأمر ولم يصلها بشيء، وتقدير الكلام إني من الأمر صنعي كذا وكذا، فالياء اسم إنّ وصنعي مبتدأ ومن الأمر خبر صنعي والجملة في موضع خبر. هذا كلام السيرافي وهو موافق لكلام سيبويه فإنه قال: "ونظير جعلهم ما وحدها اسما قول العرب إني مما أن أصنع، أي من الأمر أن أصنع، فجعلوا ما وحدها اسما، ومثل ذلك غسلته غسلا نعما، أي نعم الغسل" فقدر "ما" بالأمر وبالغسل. ولم يقدرها بأمر ولا غسل، فعلم أنها عنده معرفة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015