الأخفش من قال هذا رجل وأخوه ذاهبان على تنكير الأخ قال هنا: نعم أخو قوم وصاحبهم زيد. ومن قال هذا رجل وأخوه ذاهبين على تعريف الأخ لم يجز له العطف هنا، لأن نعم لا ترفع إلا معرفة بالألف واللام، أو بإضافة إلى المعرف بهما. فظاهر هذا القول من أبي الحسن يشعر بأنه لا يجيز نعم الذي يفعل زيد، ولا نعم مَن يفعل زيد، ومثل هذا لا ينبغي أن يمنع، لأن الذي يفعل بمنزلة الفاعل، ولذلك اطرد الوصف به. ومقتضى النظر الصحيح ألا يجوز مطلقا ولا يمنع مطلقا. بل إذا قصد به الجنس جاز، وإذا قصد به العهد منع. وهذا مذهب المبرد والفارسي، وهو الصحيح. ومما يدل على أنّ فاعل نعم قد يكون موصولا ومضافا إلى موصول قول الشاعر:
وكيف أرْهَبُ أمْرًا أو أُراعُ له ... وقد زَكَاتُ إلى بشْر بن مَرْوان
فَنِعم مَزْكأ من ضاقت مذاهبُه ... ونِعْمَ مَن هو في سرّ وإعْلانِ
فلو لم يكن في هذا إلا إسناد نعم إلى المضاف إلى مَن لكان فيه حجة على صحة إسناد نعم إلى مَن، لأن فاعل نعم لا يضاف في غير ندور إلا إلى ما يصح إسناد نعم إليه، فكيف وفيه: نعم مَن هو، فمَن هذه إما تمييز والفاعل مضمر كما زعم أبو علي. وقد تقدم ذلك في باب الموصولات، وإما فاعل، فالأول لا يصح لوجهين: أحدهما أن التمييز لا يقع في الكلام بالاستقراء إلا بنكرة صالحة للألف واللام. ومَن بخلاف ذلك، فلا يجوز كونها تمييزا. الثاني أن الحكم عليها بالتمييز عند القائل به مرتب على كون مَن نكرة غير موصوفة وذلك منتف بإجماع في غير محل النزاع، فلا يصار إليه بلا دليل عليه. فصح القول بأن مَن في موضع رفع بنعم، إذ لا قائل بقول ثالثٍ مع شهادة صدر البيت فإن فيه: مزكأ مَن فأسندت نعم إلى المضاف إلى مَن. وقد ثبت أن الذي تسند إليه لا يضاف لما لا يصح إسنادها إليه، وفي هذا كفاية.
وقد يقع فاعل هذا الباب ضميرا مستترا مفسرا بعده بتمييز مطابق للمخصوص