بدارُ حريصٍ. وإذا كان اسم عين لم يصلح جعل المصدر خبرا له إلا على سبيل المجاز.

وإذا لم يصلح جعلُه خبرًا تعيّن نصبُه بفعل هو الخبر، فتقدير جدًّا جِدًّا: أنا أجِدُّ جِدًّا. وتقدير (إنما المستوجبون بدارا) إنما المستوجبون تفضلا يبادرون بِدارا. ولو عُدِم الحصر والتكرير لم يلزم الإضمار، بل يكون جائزا هو والإظهار.

ومن المضمر عامله وجوبا المصدر المؤكد مضمون الجملة، فإن كان لا يتطرق إليها احتمال يزول بالمصدر سُمّي مؤكدا لنفسه، لأنه بمنزلة تكرير الجملة، فكأنه نفس الجملة، وكأن الجملة نفسه، وهو كقولك: له عليّ دينارٌ اعترافا. فإن كان مفهوم الجملة يتطرق إليه احتمال يزول بالمصدر فتصير الجملة به نصا سُمّي مؤكدا لغيره؛ لأنه ليس بمنزلة تكرير الجملة فهو غيرها لفظا ومعنى، وذلك كقولك: هو ابني حقا. ولا يجوز تقديمهما على الجملة لأن مضمونهما يدل على العامل فيهما، ولا يتأتى ذلك إلا بعد تمام الجملة.

وأما قوهم أجدَّك لا تفعل فأجاز فيه أبو علي الفارسي تقديرين: أحدهما أن تكون "لا تفعل" في موضع الحال. والثاني أن تكون صلة أجدك أن لا تفعل ثم حذفت أن وبطل عملها. وزعم أبو علي الشلوبين أن فيه معنى القسم ولذلك قُدّم.

ومن الملتزم إضمار ناصبه المصدر المشبه به بعد جملة مشتملة على معناه وعلى ما هو فاعل في المعنى، ولا بد من دلالته على الحدوث فمن ذلك قولهم: "له دقٌّ دَقَّكَ بالمِنْحازِ حَبَّ القِلْقِلِ" وله صوت صوت حمار. ومنه قول الشاعر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015