يصف طعنة:

لها بعدَ إسنادِ الكليم وهَدْئه ... ورَنّة مَن يبكي إذا كان باكيا

هديرٌ هديرَ الثَّور يَنفُض رأسَه ... يَذُبُّ برَوقَيْهِ الكلابَ الضواريا

فلو لم يكن بعد جملة لم يجز النصب كقولك: دَقُّه دَقُّك بالمنحاز، وصوتُه صوتُ حمار، وهديرُها هديرُ الثور. فلو كان بعد جملة تضمنت الحدث دون معنى الفاعل لم يجز النصب، إلا على ضعف كقولك فيها صوتٌ صوت حمار، فتجعل صوت حمار بدلا؛ لأنه إنما استجيز في له صَوتٌ صوتَ حمارٍ، لأن له صوت بمنزلة هو يصوّت، لاشتماله على صاحب الصوت، فجاز أن يجعل بدلا من اللَّفظ بيصوّت مسندا إلى ضمير بخلاف فيها صوت فإنه لم يتضمن إلا الصوت فلم يَحسن أنْ يُجعل بدلا من اللفظ بيصوّت. ومع ذلك فالنصب جائز على ضعف، لأن الكلام الذي قبله وإن لم يتضمن اسم ما هو فاعل في المعنى، فكونه جملة متضمنة للصوت كاف، فإنك إذا قلت فيها صوت ع لم أن فيها مصوتا، لاستحالة صوت بلا مصوّت.

ولو كان المصدر غير دال على حدوث لم يجز النصْب كقولك له ذكاءٌ ذكاءُ الحكماء، لأن نصب صوته وشبهه لم يثبت إلا لكون ما قبله بمنزلة يفعل مسندا إلى فاعل، فقولك مررت بزيد وله صوت بمنزلة قولك مررت به وهو يصوّت، فاستقام نصب ما بعده لاستقامة تقدير الفعل في موضعه. وإذا قلت مررت بزيد وله ذكاء فلست تريد (أنك مررت به) وهو يفعل، لكنك أخبرت عنه بأنه ذو ذكاء، فنزل ذلك منزلة مررت به وله يدٌ يدُ أسدٍ فكما يلا ينتصب يد أسد لا ينتصب ما هو بمنزلته. فإن عبرت بالذكاء عن عمل دل على الذكاء جاز النصب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015