لأفعال ثلاثة، ماض ومضارع وأمر، فلو اشتُقَّ المصدر من الفعل لم يخل من أن يُشتق من الثلاثة أو من بعضها، واشتقاقه من الثلاثة محال، واشتقاقه من واحد منهما يستلزم ترجيحا من دون مرجّح، فيتعَّن اطّراح ما أفضى إلى ذلك.

الثاني أن المصدر معناه مفرد ومعنى الفعل مركّب من حدث وزمان والمفرد سابق للمركب، والدال عليه أولى بالأصالة من الدال على المركب.

الثالث أن مفهوم المصدر عام ومفهوم الفعل خاص، والدال على العام أولى بالأصالة من الدال على خاص.

الرابع أن كل ما سوى الفعل والمصدر من شيئين، أحدهما أصل والآخر فرع فإن في الفرع منهما معنى الأصل وزيادة كالتثنية والجمع بالنسبة إلى الواحد، وكالعدد المعدول بالنسبة إلى المعدول عنه، والفعل فيه معنى المصدر وزيادة تعيين الزمان فكان فرعا والمصدر أصلا.

الخامس أن من المصادر ما لا فعل له لفظا ولا تقديرا وذلك ويْحَ ووَيْل وويْس وويْب، فلو كان الفعل أصلا لكانت هذه المصادر فروعا لا أصول لها وذلك محال. وإنما قلنا إن هذه المصادر لا أفعال لها تقديرا، لأنها لو صيغ من بعضها فعل لاستحق فاؤه في المضارع من الحذف ما استحقّ فاءُ يَعدُ، ولاستحقّ عينُه من السكون ما استحق عين يبيع فيتوالى إعلال الفاء والعين، وذلك مرفوض في كلامهم، فوجب إهمال ما يؤدي إليه، وليس في الأفعال ما لا مصدر له مستعمل إلا وتقديره ممكن كتبارك وفعل التعجب، إذ لا مانع في اللفظ. وتقابل تلك الأفعال مصادر كثيرة تزيد على الأفعال كالبنوَّة والأبوّة والخُئولة والعُمومة والعُبوديّة واللُّصُوصية، وقِعْدكَ الله، وبله زيدا وبَهْله، فبطلت المعارضة بتبارك ونحوه وخلص الاستدلال بويح وأخواته.

وإعلاله نحو لاوَذَ لِواذا، ولاذَ لياذا لأن الشيئين قد يحمل أحدهما على الآخر وليس أحدهما أصلا للآخر كحمل يرضيان على رضيا وأعطيا على تعطيان والأصل يرضوان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015