وأعطوا، لأن حكم الواو بين فتحة وألف التصحيح، لكن حمل ذو الفتحة على ذي الكسرة ليجريا على سَنن واحدن فلذلك فُعل بالمصدرين من لاوذ ولاذ.

ولا حجة أيضا في توكيد الفعل بالمصدر لأن الشيء قد يؤكد بنفسه نحو زيد زيد قام، فلو دل التوكيد على فرعية المؤكد لزم كون الشيء فرع نفسه وذلك محال. ولا حجة أيضا في إعمال المصدر لأن الحرف يعمل في الاسم والفعل ولا حظ له في الأصالة. وببعض ما استدللنا به على فرعية الفعل بالنسبة إلى المصدر يستدل على فرعية الصفة بالنسبة إليه، لأن كل صفة تضمّنت حروف الفعل فيها ما في المصدر من الدلالة على الحدث وتزيد بالدلالة على ما هي له، كما زاد الفعل بالدلالة على الزمن المعيّن، فيجب كون الصفة مشتقة من المصدر لا من الفعل، إذ ليس فيها ما في الفعل من الدلالة على زمن معيّن فبطل اشتقاقها من الفعل وتعين اشتقاقها من المصدر كما قلنا.

ونصب المصدر بمثله كقولك عجبت من قيامك قياما. ونصبه بفرعه كقولك طلبتك طلبا، وأنا طالبك طَلَبا وأنت مطلوب طلبا. ونصبه بقائم مقام أحدهما كقولك عجبت من إيمانك تصديقا، وأنا مؤمن تصديقا، ولقاء الله مؤمَن به تصديقا. والمصدر المنصوب في جميع هذه الأمثة قد ساوى معناه معنى عامله فهو لمجرد التوكيد، ويسمى الواقع هكذا مُبْهما ولا يُثنَّى ولا يجمع لأنه بمنزلة تكرير الفعل فعُومِل معاملته في عدم التثنية والجمع، إذ هو صالح للقليل والكثير.

وإن زاد معناه على معنى عامله فهو لبيان النوع نحو سرت خَبَبا وعَدْوا ورَجعت القهْقَرى وقعدت القُرْفُصاء أو لعدد المرات نحو قمت قومتين وضربته ضربات. وقد يكون المبيّن للنوع بلفظ المؤكد فيُستقاد التنويع بوصفه أو إضافته أو إدخال حرف التعريف عليه أو بتثنيته أو بجمعه. ويقوم مقام المؤكد مصدر مرادفٌ نحو جلست قُعودا، أو اسمُ مصدر غير عَلَم نحو اغتسلت غُسلا وتوضّأت وضوءا.

ولا يستعمل اسم المصدر العلم المؤكد ولا مبيّنا فلا يقال حمدت حمادِ ونحو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015