ص: المصدر اسم دالّ بالأصالة على معنى قائم بفاعل، أو صادر عنه حقيقة أو مجازا أو واقع على مفعول. وقد يُسَمّى فعلا وحدثا وحدْثانا. وهو أصل الفعل لا فرعه خلافا للكوفيين، وكذا الصفة خلافا لبعض أصحابنا. ويُنصب بمثله أو فرعه أو بقائم مقام أحدهما. فإن ساوى معناه معنى عامله فهو لمجرد التوكيد ويُسمَّى مُبْهما، ولا يُثنّى ولا يُجمع. وإن زاد عليه فهو لبيان النوع أو العدد، ويُسمّى مُختَصّا ومُؤقّتا ويُثنّى ويجمع. ويقوم مقام المؤكّد مصدر مرادف واسم مصدر غير عَلَم. ومقام المبيّن نوع أو وصف أو هَيْئة أو آلة أو كل أو بعض أو ضمير أو اسم إشارة أو وقت.
ش: تقييد الدلالة بالأصالة مخرج لأسماء المصادر، وهي عبارة عن كل اسم يساوي المصدر في الدلالة، ويُخالفه بعلميّة كحمادِ وجمادِ، أو لتجرّده دون عِوَض من زيادة في فعله كاغتسل غسلا وتوضأ وضوءا، فهذه وأمثالها إذا عُبّر عنها بمصادر فإنما ذلك مجاز، والحقيقة أن يُعبّر عنها بأسماء المصادر. والدال على معنى قائم بفاعل كحُسْن وفَهْم، والدال على معنى صادر عن فاعل كخط وخياطة، وقيام الحُسْن والفهْم بالفاعل حقيقة، وكذا صدور الخط والخياطة من فاعلهما بخلاف نسبة العدَم إلى المعدوم والموت للميت فإنها مجاز والواقع على مفعول مصدرُ ما لم يُسم فاعله. والمراد بالفاعل هنا الاصطلاحيّ وكذلك المفعول فبهذا يَعُمّ الحدّ مصدر كل فِعْل. وإطلاق المصدر على ما تناوله الحدّ إطلاق مُتّفق عليه. وقد يُعبَّر بالفعل والحدَث والحِدْثان، من التعبير عن الشيء بلفظ مدلوله.
واتفق البصريون والكوفيون على أن الفعل والمصدر مشتق أحدهما من الآخر، لكن البصريون جعلوا الأصالة للمصدر، وجعلها الكوفيون للفعل. والصحيح مذهب البصريين، ويدل على صحته ستة أمور: أحدها أن المصدر كثر كونه واحدًا