الرأي، إذ لا سماع في ذلك. وقد أشار إلى ذلك أبو الحسن بن خروف في شرح كتاب سيبويه. واستقرأت الكلام فوجدت الأمر كما أشار إليه.
ومنع بعض النحويين التنازع في متعديين إلى اثنين أو ثلاثة بناء على أن العرب لم تستعمله. وما زعمه غير صحيح، فإن سيبويه حكى عن العرب: متى رأيت أو قلت زيدا منطلقا، على إعمال رأيت، ومتى رأيتَ أو قلت زيد منطلق على إعمال قلت، أعني بإعمالها حكاية الجملة ههنا.
ومنع أيضا بعض النحويين تنازع فعلَيْ تعجّب، والصحيح عندي جوازه لكن بشرط إعمال الثاني كقولك ما أحْسَن وأعْقل زيدا، تنصب زيدا بأعقلَ لا بأحْسنَ، لأنك لو نصبته بأحسن لفصلت ما لا يجوز فصله. وكذلك تقول أحْسنْ به وأعقلْ بزيد بإعمال الثاني ولا تعمل الأول فتقول أحسنْ وأعقل بزيد فلزمك فصل ما لا يجوز فصله ويجوز على أصل مذهب الفراء أن يقال أحسِنْ وأعقِلْ بزيد، فتكون الباء متعلقة بأحسن وأعقلْ معا، كما يكون عنده فاعل قام وقعد عنده مرفوعا بالفعلين معا، ولا يمتنع على مذهب البصريين أن يقال أحسنْ وأعقِلْ بزيد، على أن يكون الأصل أحسنْ به وأعقِلْ بزيد، ثم حذفت الباء لدلالة الثانية عليها ثم اتصل الضمير واستتر، كما استتر في الثاني من قوله تعالى: (أسمعْ بهم وأبْصِرْ) فإن الثاني مستدَلٌّ به على الأول، كما يستدل بالأول على الثاني، إلّا أن الاستدلال بالأوّل على الثاني أكثر من العكس.