فيه تنازع، لأنك لو قصدت فيه التنازع أسندت أحد العاملين إلى السّببيّ وهو الأخ وأسندت الآخر إلى ضميره فيلزم عدم ارتباطه بالمبتدأ، لأنه لم يرفع ضميره ولاما التبس بضميره، ولا سبيل إلى إجازة ذلك. فإن سمع مثله حُمل على أن المتأخر مبتدأ مخبر عنه بالعاملين المتقدمين عليه، وفي كل واحد منهما ضمير مرفوع وهما وما بعدهما خبر عن الأول. ومنه قول كثير:
قضى كلُّ ذي دَيْنٍ فوَفَّى غَريمَه ... وعَزَّةُ مَمْطولٌ مُعَنّى غريمُها
أراد: وعزة غريمها ممطول معنى.
وفي تقييد السببي بمرفوع تنبه على أن السببي غير المرفوع لا يمتنع من التنازع كقولك زيد أكرمَ وأفضلَ أخاه. وجعل الفراء الرفع في نحو قام وقعد زيد بالفعلين معا. والذي ذهب إليه غير مستبعد فإنه نظير قولك زيد وعمرو منطلقان، على مذهب سيبويه، فإن خبر المبتدأ عنده مرفوع بما هو له خبر، فيلزمه أن يكون منطلقان مرفوعا بالمعطوف والمعطوف عليه، لأنهما يقتضيانه معا. ويمكن أن يكون على مذهبه قول الشاعر:
إنَّ الرِغاث إذا تكون وديعةً ... يُمْسِي ويُصْبح دَرُّها ممحوقا
فلو كان العطف بأو ونحوها مما لا يجمع بين الشيئين لم يجز أن يشترك العاملان في العمل كقول الشاعر:
وهل يَرجعُ التسليمَ أو يكشفُ العمى ... ثلاثُ الأثافي والرسومُ البَلاقعُ
وليس هذا من التنازع. ولو كان منه لكان أحد الفعلين بتاء، لأن فاعله على ذلك التقدير ضمير مؤنث، وإنما عمل على أنه أراد وهل يرجع التسليم ما أشاهد،