كانا نحو (آتوني أُفْرِغْ عليه قطرا) أو فعلا واسما نحو (هاؤُمُ اقرءوا كتابيه) أو اسمين نحو أنا مكرم ومفضِّل زيدا. والعاملان في هذه الأمثلة متفقان في العمل. ومثال اختلافهما فعلين أكرمتُ ويُكرمني زيدٌ. ومثال اختلافهما اسمين أنا مُكرم ومحسنٌ إلى زيد. ومثال اختلافهما فعلا واسما أنت مكرم فيشكرك زيد. وهذا كله على إعمال الثاني.

ولو أعملت الأول لقلت أكرمتُ ويكرمني زيدا، وهل أنت مكرم فيشكرك زيدا بإضمار فاعلي مكرِم ويشكُر. ولو أعملت الأول في مسألة أنا مكرم لقلت أنا مكرِم ومحسن إليه زيدا. ومن إعمال الأول والعاملان اسمان قول الشاعر:

وإنّي وإنْ صَدَّتْ لمَثْنٍ وصادِقٌ ... عليها بما كانت إلينا أزلّتِ

فلو كان ثاني العاملين مؤكدا لكان في حكم الساقط كقول الشاعر:

أتاك أتاك اللاحقون احْبِسِ احْبِسِ

فأتاك الثاني توكيدا للأول، فلذلك لك أن تنسب العمل إليهما لكونهما شيئا واحدا في اللفظ والمعنى، ولك أن تنسبه للأول وتُلغي الثاني لفظا ومعنى لتنزّله منزلة حرف زيد للتوكيد، فلا اعتداد به على التقديرين. ولولا عدم الاعتداد به لقيل أتاك أتوك اللاحقون، أو أتوك أتاك اللاحقون وإلى هذا ونحوه أشرت بقولي "متفقان لغير توكيد". وفي قولي "بما تأخر" تنبيه على أن مطلوب المتنازعين لا يكون إلا متأخرا، لأنك إذا قلت زيد أكرمته ويكرمني، وزيد هل أنت مكرمه فيشكرك، وزيد أنا مكرمه ومُحسن إليه أخذ كل واحد من العاملين مطلوبه ولم يتنازعا.

ونبهت بقولي "غير سببي مَرفوع" على أن نحو زيد منطلق مسرع أخوه لا يجوز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015