فإن كان المصدر المنوي مدلولا عليه بغير الفعل جاز الإسناد إليه كقولك: بلى سير سيْرٌ لمن قال: ما سِير سَيْرٌ. ولو جاز الإسناد إلى المصدر المنوي مطلقا لم يمتنع أن يقال ابتداء ضُرِب أو نحو ذلك. وفي كلام الزجاجي إشعار بأن سيبويه يجيز ذلك، لأنه قال: وقد أجازه بعضهم على إضمار المصدر وهو مذهب سيبويه.
قال ابن خروف: لا يجيز أحد من النحويين ردّ الفعل إلى ما لم يُسمَّ فاعله على إضمار المصدر المؤكد، لا يجيز أحد قُعِد، وضُحِك من غير شيء يكون بعد هذا الفعل، ثم ادّعاؤه - يعني الزجاجي - أنه مذهب سيبويه (فاسد لأن سيبويه لا يجيز إضمار المصدر المؤكد في هذا الباب والذي أجاز سيبويه) لا يمنع بَشَر، وهو إضمار المصدر المقصود، مثل أن يقال لمتوقع القعود: قد قُعِد ولمتوقع السفر قد سُوفِر، أي قد قُعِد القعود وقد سُوفر السفر الذي ينتظر وقوعه، والفعل لا يدل على هذا النوع من المصادر والدال عليه فعل آخر. هكذا قال ابن خروف وهو الصحيح.
وقيدت الظرف الصالح للنيابة بكونه مختصا تنبيها على أن غير المختص لا يصلح للنيابة كوقت وزمن ومدة، فلا يقال في سرت وقتا: سير وقتٌ لعدم الفائدة، بخلاف سرت وقتا معينا وزمنا طويلا ومدة من النهار، فإن الظرف فيه مختص والإسناد إليه مفيد. وقيدته بالتصرف تنبيها على أن ما لا يتصرف لا يصلح للنيابة كسَحَر معينا، وثَمّ فلا يقال في أتيت سحرَ وجلست ثَمَّ: أُتي سحر وجُلس ثم؛ لأن الظرفية لا تفارقهما ولا يسند إليهما منصوبين حكما لمحلهما بالرفع، لأن الفاعل لم يُحكم له بمثل ذلك، وليس كذلك الحكم على المجرور بالرفع فإنه ثابت للفاعل كما سبق، فلم يلزم من معاملة النائب فيه محذور. وأجاز ابن السراج نيابة الظرف