نرضى عن الله إن الناس قد علموا ... أنْ لا يدانِينا في خلقه بشرُ
وقول الكوفيين عندي أولى بالصواب، فإنه لا يلزم منه إهمال ما وجب له الإعمال، ومما يؤيده قول الشاعر:
رأيتك أحييت النَّدى بعد موته ... فعاش الندى من بعد أنْ هو خامل
فوصل أنْ بجملة اسمية، وليس قبلها فعل قلبي ولا معناه، وكل موضع هو هكذا فهو لأن الناصبة الفعل، وأن الناصبة الفعل لا توصل بجملة اسمية، فصح وقوع المخففة موقع الناصبة.
وقريب من قوله: أنْ هو خامل، قول الآخر:
فلا تُلْهك الدُّنيا عن الدين واعْتَمِل ... لآخرة لا بد عن ستصيرها
أبدل همزة أن عينا، وحسن وقوع المخففة هنا، لأن لا بد تجري مجرى تيقن.
وتخفف كأنّ فلا تلغى، بل تعمل عمل أنَّ المخففة، إلا أن خبرها إذا قدر اسمها لا يلزم كونه جملة، بل قد يكون مفردا، بخلاف خبر أنّ إذا قدر اسمها. وإن كان جملة جاز كونها فعلية مبدوأة بلم كقوله تعالى: (كأنْ لم تَغْن بالأمس). وبقد كقول الشاعر:
لا يهولنّك اصطلاءُ لظى الحر ... ب فمحذورُها كأن قد ألمّا
وابتدائية كقول الشاعر:
ووجهٌ مشرقُ النَّحْر ... كأنْ ثدياه حُقّان