وزعم ابن عصفور أن "هنّا" اسم لات، وما قاله غير صحيح، لأن هنا ظرف غير متصرف فلا يخلو من معنى "في".
ص: ورفع ما بعد "إلا" في نحو: ليس الطيبُ إلا المسكُ، لغة تميم، ولا ضمير في ليس خلافا لأبي علي.
ش: روى أبو عمرو بن العلاء في نحو: ليس الطيب إلا المسك، وليس البِرّ إلا العمل الصالح، النصب عن الحجازيين، والرفع عن بني تميم. فأما النصب فعلى ما تستحقه ليس من رفع الاسم ونصب الخبر، وأما الرفع فعلى إهمال ليس وجعلها حرفا.
وقد أشار سيبويه إلى جواز ذلك في بعض الكلام، وأجاز في قول من قال: ليس خلق الله أشعر منه، كون ليس فعلا متحملا ضمير الشأن اسما، وكونها حرفا مهملا.
واضطرب قول أبي علي في ليس، فرجح في بعض تصانيفها حرفيتها مع ظهور عملها، والتزم في موضع آخر فعليتها وإبقاء عملها في نحو: ليس الطيب إلا المسك، وذهب إلى أنها متحملة ضمير الشأن اسما، وما بعد ذلك خبرها. وما ذهب إليه غير صحيح، لأن الجملة المخبر بها عن ضمير الشأن في حكم مفرد هو المخبر عنه في المعنى، ولذلك استغنى عن عود ضمير منها إلى صاحب الخبر.
فإذا قصد إيجابها بإلا لزم تقدمها على جزأيها وامتنع توسطها، كما امتنع توسطها بين جزأي خبر مفرد قصد إيجابه، فلو كان اسم ليس في: ليس الطيب إلا المسك، ضمير الشأن، لزم أن يقال: ليس إلا الطيب المسك، كما يلزم أن يقال في: كلامي زيد قائم، عند حصر الخبر: ليس كلامي إلا زيد قائم، ولو وسط إلا فقيل: ليس كلامي زيد إلا قائم، لم يجز، فكذا لا يجوز: ليس الطيب إلا المسك، على تقدير: ليس الشأن الطيب إلا المسك، بل الواجب إذا قصد الحصر في خبر ضمير الشأن