أن يجاء بإلا مقدمة على جزأي الجملة، كما قال الشاعر:

ألا ليس إلا ما قضى اللهُ كائن ... وما يستطيع المرء نفعا ولا ضرا

ويمكن في: ليس الطيب إلا المسك، إبقاء العمل على وجه لا محذور فيه، وهو أن يجعل "الطيب" اسم ليس، والمسك بدل منه، والخبر محذوف، والتقدير: ليس الطيب في الوجود إلا المسك، ويكون الاستغناء هنا بالبدل عن الخبر، كالاستغناء به في نحو: لا فتى إلا على، ولا سيف إلا ذو الفقار.

ص: ولا تلزم حاليةُ المنفي "بليس" و"ما" على الأصح.

ش: وزعم قوم من النحويين أن "ليس وما" مخصوصان بنفي ما في الحال، والصحيح أنهما ينفيان ما في الحال، وما في الماضي، وما في الاستقبال. وقد تنبه أبو موسى الجزولي إلى ذلك، فقال في كتابه المسمى بالقانون: وليس لانتفاء الصفة عن الموصوف مطلقا. قال أبو علي الشلوبين: قال أبو موسى ذلك، وإن كان الأضهر عند النحويين أن ليس إنما هي لانتفاء الصفة عن الموصوف في الحال، لأن سيبويه حكى: ليس خلق الله مثله، وأجاز: ما زيد ضربته، على أن تكون "ما" حجازية.

ثم بين الشلوبين أن مراد القائلين: إن ليس لانتفاء الصفة في الحال، أن الخبر إذا لم يكن مخصوصا بزمان دون زمان، ونفى بليس، فإنه يحمل نفيها على الحال، كما يحمل الإيجاب عليه أيضا. فإن اقترن الخبر بالزمان أو ما يدل عليه فهو بحسب المقترن به، موجبا كان أو منفيا بليس.

قلت: قد ورد استقبال المنفي بليس في القرآن العزيز وأشعار العرب كثيرا، وكذا ورد استقبال المنفي بما. فمن استقبال المنفي بليس قوله تعالى: (ألا يومَ يأتيهم ليس مصروفا عنهم) وقوله تعالى: (ولستم بآخذيه إلا أن تُغْمِضُوا فيه)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015