ش: مقتضى النظر أن يكون إلحاق "إنْ" النافية بليس راجحا على إلحاق "لا" لمشابهتها لها في الدخول على المعرفة، وعلى الظرف والجار والمجرور، وعلى المخبر عنه بمحصور، فيقال: إنْ زيد فيها، وإن زيد إلا فيها، و: (إنْ عندكم من سلطان) كما يقال بما. ولو استعملت "لا" هذا الاستعمال لم يجز.
ومقتضى النظر أيضا أن يكون إلحاق لات بليس راجحا على إلحاق "ما" و"إن" و"لا"، لأن اتصال التاء بها جعلها مختصة بالاسم، وشبيهة بليس في اللفظ، إذ صارت بها على ثلاثة أحرف أوسطها ساكن كليس، إلا أن الاستعمال اقتضى تقليل الإلحاق في "إنْ" وكثرته في "لا" مجردة، وقصره في "لا" مكسوعة بالتاء على الحين أو مرادفه.
وذكر السيرافي أن المرفوع بعد لات في مذهب الأخفش مرفوع بالابتداء، وأن المنصوب بعدها منصوب بإضمار فعل. وكلام الأخفش في كتابه المترجم "بمعاني القرآن" موافق كلام سيبويه في أنّ لات تعمل عمل ليس على الوجه المذكور.
وأكثر النحويين يزعمون أن مذهب سيبويه في إنْ النافية الإهمال، وكلامه مشعر بأن مذهبه فيها الإعمال، وذلك أنه قال في باب عدة ما يكون عليه الكلم:
"وأما إنْ مع ما في لغة أهل الحجاز، فهي بمنزلة ما مع إنّ الثقيلة تجعلها من حروف الابتداء، وتمنعها أن تكون من حروف ليس" فعلم بهذه العبارة أن في الكلام حروفا مناسبة لليس من جملتها ما، ولا شيء من الحروف يصلح لمشاركة ما في هذه المناسبة إلا إنْ ولا فتعين كونهما مقصودين.
وصرح أبو العباس المبرد بإعمال إنْ عمل ليس، وتابعه أبو علي وأبو الفتح بن جني، ومن شواهد ذلك ما أنشد الكسائي من قول الشاعر:
إنْ هو مستوليا على أحد ... إلا على أضعف المجانين