جملة اسمية لا تستغنى عن الواو، والذي حملهم على ذلك أن الاستعمال لم يرد بخلافه، فأفتوا بالتزامه، ولم ير الكسائي ذلك ملتزما بعد سدها مسد الخبر، كما لم يكن ملتزما قبله، وبقوله أقول. وقد كان مقتضى الدليل أن حذف الواو هنا أولى، لأنه موضع اختصار، لكن الواقع بخلاف ذلك، وباب القياس مفتوح، ومما حكى ابن كيسان: مسرتك، أخاك قائما أبوه، ثم قال: فإن قلت: مسرتك أخاك قائما أبوه، أو مسرتك أخاك هو قائم، جازت المسألتان عند الكسائي وحده، فإن جئت بالواو قبل "هو" جازت المسألة في كل الأقوال.

ومما أجاز الكسائي وحده إتباع المصدر المذكور على وجه لا يقدح في البيان، كقولك: ضربي زيدا الشديدُ قائما، وشربي السَّويق كله ملتوتا. ومن منع احتج بكون الموضع موضِع اختِصار، وأنّ السماع لم يرد فيه إتباع، ومن أجازه تبع القياس، ولم يرد عدم السماع مانعا، لأن الحاجة داعية إلى استعمال ما منعوه في بعض المواضع، فإجازته توسعة، ومنعه تضييق.

ص: ويحذف المبتدأ أيضا جوازا لقرينة، ووجوبا كالمُخْبَر عنه بنعت مقطوع لمجرد مدح أو ذم أو ترحم، أو بمصدر بدل من اللفظ بفعله، أو بمخصوص في باب نعم، أو بصريح في القسم، وإن ولى معطوفا على مبتدأ يليه فعلٌ لأحدهما واقعٌ على الآخر صحت المسألة، خلافا لمن منع. وقد يغني مضاف إليه المبتدأ عن معطوف فيطابقهما الخبر.

ش: ومن حذف المبتدأ جوازا لقرينة حذفه بعد استفهام عن الخبر، كقولك: صحيح، وفي المسجد، وغدا، وعشرون، لمن قال: كيف أنت؟ وأين اعتكافك؟ ومتى سفرك؟ وكم دراهمك؟

ومن ذلك حذفه عند شم طيب، أو سمع صوت، أو رؤية شبح، فيقال: مسك، وقراءة، وإنسان، بإضمار: هذا، ونحوه. ولو كان المذكور من هذه الثلاثة ونحوها معرفة جاز جعله خبرا لمبتدأ محذوف، ومبتدأ لخبر محذوف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015