وقد تقدم الكلام على مضمون قولي: "ولا يغني فاعل المصدر المذكور عن تقدير الخبر إغناء المرفوع بالوصف المذكور".وكذا تقدم الإعلام بقول ابن خروف في نحو: كلُّ رجلٍ وضيعتُه، لا يحتاج فيه إلى حذف خبر، لتمامه وصحة معناه، وإن قدر: مقرونان، فلبيان المعنى، وهذا الذي ذهب إليه ابن خروف هو مذهب مهجور. وكذا القول بأن الحال المذكورة في نحو: ضربى زيدا قائما، تغني عن الخبر لشبهها بالظرف، هو قول ضعيف، وقد بينت ضعفه من قبل.

ومنع الفراء وقوع الحال المذكورة فعلا فرارا من كثرة مخالفة الأصل، وذلك أن الحال إذا سدّت مسدّ الخبر فهو على خلاف الأصل، وإذا وقع الفعل موقع الحال فهو على خلاف الأصل، فلا ينبغي أن يحكم بجوازه، فإنه مخالفة بعد مخالفة. وهذا الذي اعتبره قد دلت العرب على أنه غير معتبر، بوقوع الجملة الاسمية موقع الحال المذكورة، فلو لم تقع الجملة الفعلية موقع الحال المذكورة نقلا، لجاز وقوعها قياسا على وقوع الجملة الاسمية، ومع ذلك فقد سمع من العرب وقوع الجملة الفعلية موقع الحال المذكورة، ومن ذلك قول الشاعر، أنشده سيبويه:

ورأيُ عَيْنَيّ الفتى أباكا ... يُعطِي الجزيلَ فعليك ذاكا

والمشهور من قول النحويين غير الكسائي أن الحال التي تسد مسد الخبر إذا كانت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015