وهذا مع تحقق محذوف ككون الاسم ثنائيا لفظا كحرٍ، أو ثلاثيا مقطوعا بزيادة بعضه كلثة، وما نحن بسبيله ليس ثنائيا لفظا، ولا ثلاثيا مقطوعا بزيادة بعضه ولا مظنونا، فكان حذف فائه أشد استبعادا.
فإن قيل: قد حذفت الفاء بلا سبب في الناس، فإن أصله أناس، فلنحكم بذلك فيما نحن بسبيله. قلنا: لو صحَّ كون الناس مُفَرَّعا على أناس لم يجز أن يحمل عليه غيره، لأن الحمل عليه زيادة في الشذوذ، وتكثُّرٌ من مخالفة الأصل دون سبب يلجئ إلى ذلك، فكيف والصحيح أنّ ناسا وأناسا لفظان بمعنى واحد من مادتين مختلفتين، إحداهما أنس، والأخرى نوس. كما أن ألوقة ولُوقة من مادتين مختلفتين، وهما اسمان لتمر معجون بزبد أو سمن. وكما أن أوقية ووقية بمعنى واحد وأحدهما من أوق، والآخر من وقى، وأمثال ذلك كثيرة.
وأما ادّعاء نقل حركة همزة الإله إلى اللام فأحق بالبطلان لأنه يستلزم مخالفة الأصل من وجوه:
أحدها: نقل حركة همزة في كلمتين على سبيل اللزوم، ولا نظير لذلك.
الثاني: نقل حركة همزة إلى مثل ما بعدها، وذلك يوجب اجتماع مثلين متحركين، وهو أثقل من تحقيق الهمزة بعد ساكن، لأن اجتنابه في اللام آكد، إذ هو ملتزم في: أوعَدَ وبابه، بخلاف النقل فإنه لم يلتزم إلا في أفعال الرؤية، مع أن من العرب من لا يلتزمه وهم تيم اللات، قال:
أُرِي عَيْنَيَّ ما لم تَرْأياه ... كلانا عَالمٌ بالتُّرَّهات
الثالث من وجوه: مخالفة الأصل من تسكين المنقول إليه الحركة، وذلك يوجب كون النقل عملا كلا عمل، لأن المنقول إليه كان ساكنا ثم حرك بحركة