الهمزة إبقاء عليها وصونا لها من محض الحذف، وإذا سكن فات ذكل، وعاد الحرف إلى ما كان عليه قبل النقل، فكأن النقل لم يكن، ومع هذا ففاعل هذا التسكين بعد النقل بمنزلة من نقل في يَئس فقال ييس، ثم سكن فقال: يَيْس، فلا يخفى ما في هذا من القبح مع كونه في كلمة واحدة، والمدعى في الله من كلمتين، فهو أمكن في الاستقباح، وأحق بالإصلاح.
الرابع: إدغام المنقول إليه فيما بعد الهمزة، وذلك بمعزل عن القياس، لأن الهمزة المنقولة الحركة في تقدير الثبوت فإدغام ما قبلها فيما بعدها كإدغام أحد المنفصلين في الآخر، وقد اعتبر أبو عمرو بن العلاء في الإدغام الكبير الفصل بمحذوف واجب الحذف نحو (ومن يبتغ غير الإسلام) فلم يدغم الغين في الغين فلأن يعتبر الفصل بمحذوف غير واجب الحذف أحق وأولى. ولأجل الاعتداد بالمحذوف تحقيقًا جاز أن يقال في مثل: اغْدَودَن من وأل ووَل، بتصدير واوين، وأصله: أو أوأل، ثم نقلت حركتا الهمزتين إلى الواوين واعتبر بتصديرهما دون قلب أولاهما همزة لانفصالهما بالهمزة تقديرا. ومثل هذا المدعى في الله قد ندر في لكن أنا إذا قيل فيه: لكنا، إلا أن هذا ليس ملتزمًا.
ثم إن الذي زعم أن أصل الله الإله يقول: إن الألف واللام عوض من الهمزة، ولو كان كذلك لم يجمع بينهما في الحذف في قولهم: لاهِ أبوك، يريدون لله أبوك، إذ لا يحذف عوض ومعوض منه في حال واحدة. وقالوا أيضًا: لَهْي أبوك، يريدون: لله أبوك، فحذفوا لام الجر والألف واللام، وقدموا الهاء وسكنوها، فصارت الألف ياء، وعلم بذلك أن الألف كانت منقلبة عنها لتحركها وانفتاح ما قبلها، فلما وليت ساكنا عادت إلى أصلها، وفتحتها فتحة بناء، وسبب البناء تضمن معنى حرف التعريف، هذا قول أبي علي، وهو عندي قول ضعيف، لأن الألف واللام في الله زائدة مع التسمية، مستغنى عن معناها بالعلميّة، فإذا حذفت لم يبق لها معنى يتضمن.
والذي أراه أن لَهْي مبني لتضمن معنى حرف التعجب، وإن لم يكن للتعجب