في قتله" ومن ذلك قول بعض العرب: عليه رجلا ليسني. وقال سيبويه: بلغني عن العرب الموثوق بهم أنهم يقولون: ليسني، وكذلك كأنني. هذا نَصُّه، ولم يحك في الانفصال نثرا إلا قولهم في الاستثناء: أتوني ليس إياك، ولا يكون إياك، وهذا يتعين انفصاله في غير الضرورة، لأن ليس ولا يكون فيه واقعان موقع إلا، فعومل الضمير بعدهما معاملته بعدها، فلا يقاس على ذلك ما ليس مثله، والاتصال في قوله:
إذْ ذَهَب القومُ الكرامُ ليسي
من الضرورات، لأنه استثناء، ولو لم يكن استثناء لكان الاتصال أولى من الانفصال كما تقرر.
ومن انفصال ثاني مفعولي أفعال القلوب قول الشاعر:
أخي حَسِبْتُكَ إياه وقد مُلِئَت ... أرجاءُ صدرِك بالأضْغانِ والإحَنِ
ومن وروده متصلا قوله:
بُلِّغْتُ صنعَ امرِئٍ بَرٍّ إخالكه ... إذ لم تزلْ لاكتساب الحمدِ مُبْتَدِرا
ومثال الإخبار عن ثاني مفعولي أعطيت زيدا درهما: الذي أعطيته زيدا درهمٌ، هذا على أن تخبر بالضمير الذي هو خلف عن المخبر عنه متصلا، وإن جئت به منفصلا مراعاة للترتيب الأصلي قلت: الذي أعطيت زيدا إياه درهم. والاتصال رأي أبي عثمان المازني، وباختياره أقول، لأن الاتصال هو الأصل، فإذا أمكنَ بلا محذور فلا عدول عنه عند مراعاة الأولى، فلو كان بدل الدرهم مفعولا لا يعلم كونه ثانيًا إلا بالتأخير نحو: أعطيت زيدا عمرا، فأخبر عنه، تعين انفصاله، لأن وصله بالفعل يوهم كونه أولا، فلو عضد بهذا قول غير المازني لاعتضد، فيقال: إذا تعين