الانفصال في بعض صور الإخبار فيلتزم في جميعها، ليجري الباب على سنن واحد كما فعل في غيره.

والإشارة بنحو: ضمنت إياهم الأرض، إلى قول الشاعر وهو الفرزدق:

إني حَلَفْتُ ولم أحْلِفْ على فَنَدٍ ... فناءَ بيتٍ من السَّاعين معمور

بالباعثِ الوارثِ الأموات قد ضمِنت ... إياهم الأرضُ في دهرِ الدَّهارير

فأوقع الضمير المنفصل بغير سبب موقع المتصل، فلولا ضرورة إقامة الوزن لكان خطأ. وكذا قول الآخر:

وما أصاحِبُ من قومٍ فأذكرهم ... إلا يزيدهم حُبًّا إليّ هُمُ

فهم الأخير فاعل يزيد، وظن بعضهم أن هذا جائز في غير الشعر، لأن قائله لو قال: يزيدونهم، لصلح، فيجعل المتصل وهو الواو فاعلا، والمنفصل توكيدًا، وهذا وهم، لأن لك ضميرين متصلين لمسمى واحد أحدهما فاعل والآخر مفعول وذلك لا يكون في غير فعل قلبي.

ص: الأصلُ تقديمُ مُفَسِّر ضميرِ الغائب، ولا يكون غيرَ الأقرب إلا بدليل، وهو إما مُصَرَّحٌ بلفظه، أو مُسْتَغنى عنه بحضور مدلوله حِسًا أو علْمًا، أو بِذِكْرِ ما هو له جزءٌ أو كلٌّ أو نظير، أو مُصاحِبٌ بوجهٍ ما.

ش: لما كان ضميرُ الحاضر مُفسَّرًا لمشاهدة تقارنه، ولم يكن لضمير الغائب مشاهدة تقارنه، جعلوا تقديم مُفَسِّره خلفًا عما فاته من مُقارنةِ المشاهدة، ومقتضى هذا القصد تقديم الشعور بالمفسِّر كما يتقدم الشعور بذاتٍ يصلح أن يُعَبَّر عنها بضمير حاضر. واللائق بالمفسِّر لكونه جزءَ المفَسَّر في تكميل وضوحه أن يتصل به، فلذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015