إنْ وجدتُ الصديقَ حقًا لإيّا ... ك فَمُرْني فلن أزال مُطِيعا

فوافق في الرتبة: علمتك إياك، أي أنت في علمي الآن كما كنت قبلُ.

والمراد بالموافقة في الرتبة كونهما لمتكلم كعلمتني إياي، أو لمخاطب كعلمتك إياك، أو لغائب كزيد علمته إياه، أو لغائبين كقولك: مال زيد أعطيته إياه، فانفصال ثاني الحاضرين متعين أبدًا، لأنه لا يكون إلا مثل الأول لفظا ومتحدا به معنى فاستثقل اتصالهما، ولأن اتصالهما يوهم التكرار.

وانفصال ثاني الغائبين متعين أيضا إن كان هو الأول في المعنى نحو: زيد علمته إياه. أو شبيها بما هو الأول في المعنى نحو: مال زيد أعطيته إياه.

فإن غاير الأولَ لفظا جاز اتصاله على ضعف، فمن ذلك ما رَوى الكسائي من قول بعض العرب: هم أحسنُ الناسِ وجوها وأنْضَرهموها، ومنه قول مَغلس بن لقيط:

وقد جَعَلَتْ نفسي تطيب لِضَغْمَة ... لضَغْمِهماها يقرعُ العظمَ نابُها

ومثال جواز الأمرين لاختلاف الرتبة: الدرهم أعطيتكه، وأعطيتك إياه.

فمع الانفصال لك أن تقدم الأسبق رتبة وأن تؤخره، نحو: أعطيته إياك. ومع الاتصال ليس لك إلا تقديمه سماعا على العرب، فلو قلت: أعطيتهوك أو نحوه لم يجز عند سيبويه وفاقا للمسموع واقتصارا عليه. وأجازه غيره قياسا، قال سيبويه:

فإن بدأ بالمخاطب قبل نفسه فقال: أعطاكني، أو بدأ بالغائب قبل المخاطب فقال: أعطاهوك، فهذا قبيح لا تتكلم به العرب، ولكن النحويين قاسوه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015