قلت: ولا يعضد قول من أجاز القياس في ذلك قولُ العرب: عليكني، لكون الكاف فيه متقدمة على الياء، لأن الكاف في عَليك فاعل في المعنى، فيتنزَّل تقدمها على الياء منزلة تقدم التاء في قولك: أكرمتني، فلا يجوز أن يجرى مُجْراها "كاف" ليس لها حظ في الفاعلية نحو" كاف" أعطاك، ولكن يعضد قولَ من أجاز القياس في ذلك ما روى ابن الأنباري في غريبه من قول عثمان رضي الله عنه: أراهُمني الباطل شيطانا، فقدم ضمير الغائب على ضمير المتكلم المتصل.

وأشرت بقولي "وشذ إلاكِ" إلى قول الشاعر:

وما نُبالي إذا ما كُنتِ جارتَنا ... ألا يُجاورَنا إلاَّكِ دَيّارُ

والأكثرون على أن الاتصال فيه لم يستبح إلا للضرورة، لأن حق الضمير الواقع بعد إلا الانفصال اعتبارًا بأن إلا غير عاملة، ومن حكم على إلا بأنها عاملة لم يعدّ هذا من الضرورات، بل جعله مُراجعة لأصل متروك، ويعتذر عن مثل: قاموا إلا إياك، بكون الاستعمال استمر بالانفصال، والأولى به الاتصال، وهذا متعلق بالاستثناء، فأخّرْت استيفاء الكلام فيه إلى بابه حتى نأتيه إن شاء الله تعالى.

وأما ما أجاز ابنُ الأنباري من أن يقال: حتاك، فلا مسموع له، إلا إن جعِلتْ حتى جارة وذلك أيضا مفتقر إلى نقل عن العرب، لأن العرب استغنت في المضمر بإلى عن حتى، كما استغنت بمثل عن كاف التشبيه، وقد يرد دخول الكاف على ضمير الغائب، ولم يرد دخول حتى على ضمير أصلا.

ص: ويُخْتارُ اتصال نحو "هاء" أعطيتكه، وانفصال الآخر من نحو: فِرَاقيها ومَنْعُكها وخِلْتُكَه. وكهاء أعطيتكه هاء نحو: كُنته، وخَلَف ثاني مفعولي نحو: أعطيت زيدا درهمًا، في باب الإخبار. ونحو: ضَمِنَتْ إياهم الأرضُ، ويَزيدُهم حُبًّا إليَّ هُم، من الضرورات.

ش: لما ذكرت ما يجوز فيه الاتصال والانفصالن وكان بعضُه مختارَ الاتصال،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015