وذهب الكوفيون إلى أن فعل الأمر مجزوم بلام محذوفة وهو مضارع حذف منه حرف المضارعة، لأنه لو لم يكن كذلك لما كان لوجوب حذف آخر المعتل منه وجه. وهو ضعيف لجواز أن يكون الوجه في حذف آخر المعتل من فعل الأمر هو طلب التخفيف، استثقالا لحرف العلة المتطرف الساكن، ثم التزموا حذفه، كما أجازوا حذف المتحصن بالحركة المقدرة، كقراءة من قرأ: (يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه) و: (ذلك ما كنا نبغ) ولو لم يكن لحذف آخر فعل الأمر المعتل وجه من المناسبة والاستحسان، لكان دعواه أيسر من دعوى حذف لام الأمر وحرف المضارعة.
والمشهور عن الأخفش موافقة سيبويه في الحكم على فعل الأمر بالبناء، وعنه أيضا قول آخر وهو أن فعل الأمر مجزوم بمعنى الأمر، وهو قول بما لا نظير له، من غير دليل عليه.
ص: ومنها "لا" الطلبية، وقد يليها معمول مجزومها، وجزم فعل المتكلم بها أقل من جزمه باللام.
ش: من عوامل الجزم "لا" الطلبية، وهي الدالة على النهي عن الفعل كقوله: (لا تحْزَن) أو الدعاء بترك شخص أو عليه، كقوله تعالى: (ربنا لا تؤاخِذْنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصْرا).
والثاني كقول الشاعر:
بكى دَوْبَلٌ لا يُرْقِئِ اللهُ دمعَه ... ألا إنما يبكي من الذُّل دوبلُ
وقد يليها معمول مجزومها، كقول الشاعر:
وقالوا أخانا لا تَخَشَّعْ لظالم ... عزيزٍ ولا ذا حق قومِك تَظْلِمِ