وكقوله صلى الله عليه وسلم: "لِتأخذوا مَصافَّكم" وهو قليل، والكثير المعروف في كلامهم مجيء أمر الفاعل المخاطب مجردا من اللام ومن حرف المضارعة، مجعولا آخره كآخر المجزوم.

فإن لم تتصل به ألف اثنين، أو واو جمع، أو ياء مخاطبة، فإن كان صحيحا فهو ساكن الآخر، نحو: اذهبْ واضربْ واخرجْ.

وإن كان معتلا فهو محذوف الآخر نحو: اخشَ وارمِ واغزُ.

وإن اتصل به ألف اثنين، أو واو جمع، أو ياء مخاطبة ثبتت في آخره بغير نون نحو: اضربا واضربوا واضربي.

وليس ذلك جزما بل بناءً، لأن دلالة "اضرب" ونحوه على الجزم إما بإضمار اللام، وهو مضارع محذوف منه حرف المضارعة، وإما بتضمين معناها، وهو مثال مأخوذ من لفظ المصدر للدلالة على الحدث، والنسبة تفيد الطلب.

لا جائز أن يكون بالإضمار، لما فيه من كثرة الحذف لغير موجب، فتعين أن يكون بالتضمين، وإذا كانت دلالة اضرب ونحوه على الأمر بتضمن معنى اللام، وجب الحكم عليه بالبناء لوجهين: أحدهما: عدم وجود علة الإعراب فيه، وهي شبه الاسم، فإن المضارع إنما أعرب لشبه بالاسم، إما لجواز قبوله بصيغة واحدة معاني مختلفة، وإما في احتمال الإبهام والتخصيص، وقبول لام الابتداء، والجريان على حركات اسم الفاعل وسكناته، وذلك وشبهه مفقود من فعل الأمر، فوجب أن يكون مبنيا كالماضي.

الثاني: أن فعل الأمر لو كان معربا لكان مجزوما، لأنه أبدا ساكن الآخر أو محذوفه، ولو كان مجزوما لكان الجازم له إما اللام وإما غيرها. لا جائز أن يكون مجزوما باللام، لأن المتضمن يمنع من إظهار مثله، لأنه لا فائدة فيه، ولا يصح أن يعمل متضمنه كما لا يعمل الشيء في نفسه. ولا جائز أن يكون مجزوما بغيرها لاستحالة تقديره، فتعين الحكم عليه بالبناء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015