لأنه لو لم يؤثر الجزم باللام المحذوفة لقال: ايذن، بلفظ الأمر. فأما قول الشاعر:

محمدُ تَفْد نفسَك كلُّ نفس ... إذا ما خِفْتَ من شيء تَبالا

فليس يثبت، لجواز أن يكون أراد: تفدي نفسك، على الخبر، ولكن حذف الياء تخفيفها، كما حذفوا في: الأيد، يريد: الأيدي، وكذلك ما أنشده الفراء:

مَنْ كان لا يزعمُ أني شاعرُ ... فَيَدْنُ منِّي تَنْهَهُ المَزاجِرُ

لأنه لو أراد الأمر لقال: فليدن مني، وإنما أراد عطف يدنو على يزعم، وحذف الواو من يدنو، لدلالة الضمة عليها، كما قال:

فيا ليت الأطِبا كانُ حولي

فحذف واو الضمير اكتفاء بالضمة. وأما تَنْه فمجزوم لأنه جواب مَنْ.

ولا يجوز في غير الشعر حذف لام الأمر، خلافا للكسائي، قال ثعلب: قال الكسائي في قوله تعالى: (قل للذين آمنوا يغفروا) هو: ليغفروا، فأسقط اللام، وترك يغفروا مجزوما.

قلت: والوجه أن يكون مجزوما بجواب الأمر على معنى: إن تقل لهم: اغفروا يغفروا.

والغالب في أمر الفاعل المخاطب خلوه من اللام ومن حرف المضارعة، وقد لا يخلو منهما كقراءة عثمان وأنس وأبيّ: (فبذلك فلْتَفْرحوا)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015