بعد المنصوب، وإنما توخى ذلك لأنه نوى قبل كل واحد منهما حرف نداء معاد، فالعامل قد يعاد مع كل واحد منهما توكيدا دون غيرهما. وكذلك لما كان المعطوف المقرون بأل لا يصلح أن ينوى قبله حرف نداء أجيز فيه ما أجيز في التوكيد والنعت وعطف البيان من الرفع والنصب، فلو كان متبوع شيء منها مضافا لزم التوافق في النصب، قال سيبويه: قلت – يعني الخليل -: أرأيت قول العرب: يا أخانا زيدا، قال: عطفوه على المنصوب فصار مثله، وهو الأصل. وقد قال قوم: يا أخانا زيدُ، وهو قول أهل المدينة، هذا بمنزلة قولنا: يازيد، كما كان قوله: يازيد أخانا، بمنزلة: ياأخانا، ويأأخانا زيد، الكثير في كلام العرب.
وأجاز المازني والكوفيون إجراء المنسوق العاري من أل مجرى المقرون بها، فيقولون: يازيد وعمرا وعمرو، كما يقال بإجماع: يازيد والحارثُ والحارثَ. وما رواه غير بعيد من الصحة إذا لم تنو إعادة حرف النداء، فإن المتكلم قد يقصد إيقاع نداء واحد على الاسمين، كما يقصد تشريكهما في عامل واحد نحو: حسبت زيدا وعمرا حاضرين، وكأن خالدا وسعدا أسدان. ويجوز عندي أن يعتبر في البدل حالان: حال يجعل فيهما كمستقل وهو الكثير، كقولي فيما تقدم: يا غلام زيدُ. وحال يعطى فيها الرفع والنصب لشبهه فيها بالتوكيد والنعت وعطف البيان وعطف النسق المقرون بأل في عدم الصحة لتقدير حرف نداء قبله، نحو: ياتيم الرجال والنساء.
وصحة هذه المسألة مرتبة على أن العامل في المبدل منه عامل البدل، وقد بينت ذلك في باب البدل بأكمل تبيين.
ولغير البدل والمنسوق العاري من أل إذا كان مفردا تبع منادى كمرفوع الرفع حملا على اللفظ، والنصب حملا على الموضع. فيقال في النعت: يازيدُ الظريفُ والظريفَ. وفي التوكيد: يا تيم أجمعون وأجمعين. وفي عطف البيان: يا غلامُ بشرٌ وبشرا. وفي عطف المقرون بأل: يازيد والنضرُ والنضرَ، ونصب المقرون بأل أجود من رفعه عند أبي عمرو ويونس وعيسى وأبي عمر الجرمي، وفرق المبرد بين ما أثرت الألف واللام فيه