وإذا اضطر شاعر إلى تنوين المنادى المضموم جاز بقاء الضمة، وهو الأكثر، وجاز نصبه، وهو الأقيس، لأن البناء استحق بشبه المضمر، وقد ضعف بالتنوين، لأن المضمر لا ينون، ولكنه عارض للضرورة، فجاز ألا يعتد به. وحكى ابن السراج أن بقاء الضم إذا اضطر إلى التنوين اختيار الخليل وسيبويه. وأبو عمرو ويونس وعيسى بن عمر والجرمي يختارون النصب، وما حكاه ابن السراج حكاه المبرد أيضا، وزاد المازني تمثيل الخليل وسيبويه.
قلت: وعندي أن بناء الضمة راجح في العلم، والنصب راجح في النكرة المعينة، لأن شبهها بالمضمر أضعف. ومن شواهد البناء على الضم قول الأحوص:
سلامُ اللهِ يامطرٌ عليها ... وليس عليك يامطرُ السَّلام
ومنها ما أنشد الفراء من قول لبيد:
قَدِّموا إذْ قيل قيس قَدِّموا ... وارفعوا المجدَ بأطرافِ الأسَلَ
أراد: قدموا ياقيس قدموا. وأنشد غيره لعدي بن ربيعة يرثي أخاه مهلهلا:
ظبيةٌ من ظباء وَجْرَةَ تَعْطو ... ويداها في ناضر الأوراق
ضربتْ صدرها إليّ وقالت ... ياعدي لقد وَقَتْك الأواقي
ما أُرَجِّي في العيش بعد ندامى ... قد أراهم سُقُوا بكأس حَلاقِ
ومن شواهد النصب والمنادى علم قول الشاعر:
فطر خالدا إن كنت تسطيع طيرة ... ولا تقعن إلا وقلبك واقع