النداء وجه واحد، وغير النداء وجوه كثيرة، فكان غير النداء أحوج إلى التخفيف، فجعل تخفيفه واجبا، وتخفيف النداء واجبا، واستوى النداء وغير النداء في التزام حذف ألف ابن خطا. وقد ينون المنعوت بابن في غير النداء اضطرارا، كقول الأغلب العجلي:
جاريةٌ من قيس بنِ ثعلبة ... قَبّاءُ ذاتُ سُرَّة مُقَعَّبة
مَمْكورةُ الأعلى رداح الحَجَبَة ... كأنها حليةُ سيفٍ مُذْهَبة
وزعم الفارسي أن نحو: زيد بن عمرو، عند قصد النعت في غير النداء مركب، وأن حركة المنعوت حركة إتباع كحركة ميم "مرء" على لغة من قال: هذا مُرُؤ، ورأيت مَرَأ، ومررت بمِرِئ. وليس ما رآه في هذا صحيحا، للإجماع على فتح المجرور الذي لا ينصرف، نحو: صلى الله على يوسفَ بنِ يعقوب. ذكر هذا ابن برهان رحمه الله.
وإذا كان المنعوت مؤنثا علما كهند في لغة من صرف، ونعت بابنة، مضافا إلى علم، فحكمه في النداء وغير النداء حكم زيد منعوتا بابن مضافا إلى علم.
وغير المنادى المنعوت ببنت وجهان رواهما سيبويه عن العرب الذين يصرفون هندا ونحوه، فيقولون: هذه هند بنت عاصم، وكل هذا مشار إليه في الأصل.
وإذا نودي نحو: قاض، وقصد تعيينه حذف تنوينه، وأثبتت ياؤه، فقيل: ياقاضي. ويجوز حذف الياء والتنوين معا، فيقال: ياقاضِ، كما قيل مع الألف واللام في غير النداء: جاء القاضي، وجاء القاض، والأول مذهب الخليل، والثاني مذهب يونس، وقوى مذهب سيبويه مذهب يونس.
وإن كان المنقوص ذا أصل واحد، كاسم فاعل أرى، ردت الياء بإجماع، فيقال: يامرى، ولا يقال: يامر.