كأنه قال: صبح فغنم فآب.
وقد يكون مع السببية مهلة، كقوله تعالى: (ألمْ تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة).
وتنفرد الفاء أيضا بتسويغ الاكتفاء بضمير واحد فيما تضمن جملتين من صلة أو صفة أو خبر أو حال، نحو: الذي يطير فيغضب زيدٌ الذبابُ، ومررت برجل يبكي فيضحك عمرو، وخالد يقوم فيقعد بشر، كل هذا جائز بالفاء، ولو جيء فيه بدلها بالواو لم يجز، لأن حق المعطوف بالواو على صلة أو صفة أو خبر أن يصلح لما صلح له المعطوف عليه، والجملة العارية من ضمير الموصول والموصوف والمخبر عنه لا تصلح للوصل بها، ولا للوصف بها، ولا للإخبار بها، ولا يجوز أن يعطف بالواو على صلة ولا صفة ولا خبر، واغتفر ذلك في الفاء لأن ما فيها من السببية سوغ تقدير ما بعدها وما قبلها كلاما واحدا، ألا ترى أن قولك: الذي يطير فيغضب زيد الذباب، بمنزلة: الذي إن يطر يغضب زيد الذباب، ومثل هذا التقدير لا يتأتى مع الواو، فلذلك لم يجر العطف بها في هذه الجمل مجرى العطف بالفاء.
وقد يقع الفاء موقع ثم كقوله تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما) فالفاء من: فخلقنا، ومن: فكسونا، واقعة موقع ثم لما في معناه من المهلة، ولذلك جاءت ثم بدلها في أول الحج. ومن وقوع الفاء موقع ثم قول الشاعر:
إذا مِسْمَعٌ أعطتكَ يوما يمينُه ... فعدتَ غدًا عادتْ عليك شِمالها
وقد تقع ثم موقع الفاء كقول الشاعر: